لعل أكثر من يحتقر الهوية اليمنية ومواطنة اليمنيين هو الوعي الإمامي المرتكز على البطنين، يليه الوعي القبلي المتشبث بتخلّفه وتفيّده واحتقاره للمدنيين جراء السلاح الذي يتدجج به. والحاصل أن القبلية المأزومة والإمامية الأكثر مأزومية طبعاً هما أكثر من أعاقا، بانغلاقهما الرهيب، مشروع الدولة في اليمن ومايز الآن كإشكاليتين متجذرتين ترعرعتا بشكل شنيع وغايتهما الاستحواذ على الحكم وحقوق الشعب بمنتهى الصفاقة. في الحقيقة لم تستطع الأحزاب إدماج الوعيين الإشكاليين بالحس المدني الوطني إذ يعرف نفسه كل مذهبي وجهوي في اليمن على أنه فوق الشعب وفوق الدولة للأسف.
والحق أن الطرفين يتربصان بالقانون والعدالة الاجتماعية وكرامة المواطنين والشراكة الوطنية، ومنذ ما بعد العام 62 على الأقل والوعي الإمامي والوعي القبلي يتبادلان المواقع ضد الوعي المدني الجمهوري.. إنهما يعملان على الإقصاء، وتارة يتحالفان مع بعضهما، وأخرى يتعاركان.
وهكذا، غير أنهما يتوحدان في مخاصمة حكم الشعب نفسه بنفسه، تارة بزعم الحق القبلي وتارة بزعم الحق السماوي في الحكم، كما يعملان ضد بناء الدولة القادرة على صيانة حريات وحقوق الجميع تحت سقف التمدن المنشود والمواطنة المتساوية.
fathi_nasr@hotmail.com