في المظاهرات الحاشدة للحراك يوم الثلاثاء بالمكلا تمّ إسقاط أكبر لوحة توعوية بشأن مُخرجات مؤتمر الحوار الوطني، اللوحة تقول: “من أجل يمن اتحادي يقوم على مبادئ الديمقراطية والمواطنة المتساوية والشراكة العادلة”.
لا أستطيع تقبُّل الدافع الذي يجعل من الذين يسقطون تلك اللوحة يقومون بهذا؛ ولكني أتفهّمه، أتفهم أن هناك إحباطاً جماهيرياً عاماً من العملية السياسية، وأن المدافعين عن مشروع الانفصال يستخدمون غياب الدولة وجمود العمل السياسي المتكافئ في تعزيز المشروع الانفصالي الذي كنّا قد وصلنا إلى اتفاق بشأنه وهو «النظام الاتحادي».
ولكن فكرة «النظام الاتحادي» سقطت مثل ما سقطت تلك اللوحة، وبالنسبة للكثير من اليمنيين الحوار السياسي والفكري الذي استمر لمدة عشرة أشهر لا يعني شيئاً.
نصبت الخيم لتحوي عشرات الآلاف من المعتصمين في منطقة الشابات في عدن، ورفرفت الأعلام الجنوبية في كل مكان.
يُحمد للجنوبيين عدم رفع السلاح واعتماد الأسلوب السلمي في التظاهر، ويشكر للجهات الأمنية هناك عدم اعتراض هذا الحشد الهائل.
قد يكون موقف الجهات الأمنية من مبدأ «مجبر أخاك لا بطل» ولكن على الأقل لا تلوح في الأفق أية نزاعات مسلّحة في الجنوب وهذا جيّد.
لكن إلى الآن لا توجد أية قيادات جنوبية واضحة ومقبولة من قبل الجميع يمكنها أن تقود مثل هذا المشروع سواء في عدن أو حضرموت.
هناك من يقول إن ما يحدث في الجنوب يجري في عملية مطبوخة للتحضير للانفصال لكنني أستطيع أن أجزم أن هناك من يؤمن باليمن الموحّد، وأن شغله الشاغل هو ألا يتقسّم اليمن .
لكننا شئنا أم أبينا سوف نعود إلى الحوار في النهاية؛ لأن الحوار هو الحل المنطقي الوحيد الذي لا يمكن إلا به أن تستقيم الأمور ويتم التعايش.
ولاتزال لدينا وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي يمكن لأي شخص أن يقرأها ويحكم بنفسه على مقدار الجهد والنيّة الصادقة التي بذلناها كأفراد؛ بالذات المستقلون، لأن نبني يمننا الجديد، يمن الحلم والدولة المدنية.
أعترف أن بعض من شارك في مؤتمر الحوار لم يكن جاداً أو صادقاً أو مؤمناً به، لكنني أعرف أن هذه الوثيقة سنرجع إليها في النهاية ولو بعد حين؛ لأن بناء الوطن لا يكون بإسقاط اللوحات أو النزاع المسلّح ، بل بالعلم والتخطيط ووضع الأسس السليمة في شتّى مجالات الحياة مثل تلك التي حملتها سطور مئات الصفحات في وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
yteditor@gmail.com