ليست أزمة الحوار بين القوى السياسية اليمنية في مكان الحوار داخل الوطن أو خارجه, كما أنها ليست في الخلاف حول شرعية الرئيس هادي, فهي كما يقول الواقع وتتحرك عليه الوقائع أزمة الانقسام الحاد في المجال السياسي ومكوناته في النظام والسلطة والمجتمع, وبصورة تجعل الأولوية في مقاربة هذا الانقسام باعتراف وحوار.
تحتاج اليمن, الكيان والدولة والهوية, إلى استعادة وجودها الموحد في نظام عام وسلطة حكم, وهذا يعني اجتماع قوى الانقسام للحوار في السبل المثلى لإنجاز ذلك وتحقيقه بصورة عملية وواقعية, وهذا يتطلب ابتداء الاعتراف المتبادل بالانقسام بين جميع القوى المسئولة عنه, ثم التنازل عن هذا الواقع المنقسم لصالح بديل جامع لكل المكونات في إطار سياسي عام وموحد.
غير ان الاعتراف بالانقسام السائد ثم بالتنازل عنه لصالح البديل المنشود, يقتضي مرحلة انتقالية, ينتقل بها الوضع المنقسم إلى الاطار الجامع للسلم والشراكة في عملية سياسية متاحة بالتوافق وممكنة بالخطوات الشجاعة والقرارات الجريئة لجميع الأطراف والمتضمنة تنازلات مؤلمة لصالح اليمن ومصلحة الشعب في الحاضر والمستقبل.
ليس أمام قوى الانقسام الراهن غير هذا من طريق سوى طريق الاقتتال واعتماده وسيلة لحسم الصراع على الشرعية والسلطة وانهاء حالة التنازع على ذلك بالقوة التي قد يتوهم طرف أنه قادر عليها والانتصار بها على خصومه ومنافسيه في حكم البلاد والسيطرة على الدولة والإدارة, وهنا تدرك قوى الصراع أن كل طرف في خيار الاقتتال سيجد نفسه في مواجهة أطراف متعددة وعديدة, فالحرب, حال وقوعها لا سمح الله ستكون حرب الكل ضد الكل وحرب الجميع على الجميع.
كما تدرك أطراف الانقسام القائم على الأرض في الشرعية والسلطة, أن قوى خارجية جاهزة ومستعدة لتغذية أي صراع يعطل وحدة اليمن واستقراره, ودعم أي اقتتال يمزق النسيج المجتمعي, ويدمر مقومات وجوده ومصيره الانساني والسياسي على حد سواء, وإذا كان هذا ما تدركه قوى الانقسام والصراع فإن عليها الخروج من دائرة الكيد الحزبي الضيق إلى رحابة الوطنية المنقسمة على نفسها والاسراع إلى بذل الجهد المطلوب لاستعادة وحدتها بالحوار والتوافق والشراكة.
لعل الوقت لا يتيح لقوى الانقسام الخروج من دائرة مناوراتها الكيدية تحت ضغط الاستعداد للمواجهة, ولكن هذه القوى تمتلك ما هو أكبر من الوقت ممثلاً في الإدارة الوطنية التي تستدعيها للتراجع عن الانقسام الذي صنعته بالوطن والمباشرة في استعادة الوجود وتدارك المصير.
albadeel.c@gmail.com