الخصوصية المتأبِّية على منطق السلاح المجرد
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز
المبادرة الخليجية التي جاءت في الوقت والمكان المناسبين؛ ما كان لها أن تحقّق ذلك النصر السياسي اللافت لولا التوافق اليماني الداخلي مهما كانت أسبابه ومبرّراته. 
وما كان للعملية السياسية التوافقية أن تستطرد على مؤتمر الحوار، وبطيوف الألوان السياسية المتعدّدة في تنوُّعها ومصالحها ومرجعياتها الواقعية والاستيهامية؛ ما كان لهؤلاء جميعاً أن يصلوا إلى الحالة التوافقية الماثلة لولا الحكمة والصبر المتوفِّرين لدى بعض حكماء هذه الفرق المتناقضة. 
من لا يعرف الواقع اليمني يتعجَّب من ذلك الشعب المُدجَّج بالسلاح حتى مخ العظم، والمقيم رغماً عن ذلك في تظاهراته السلمية، المقرونة باحترام المؤسّسات الخاصة والعامة، وعدم الاعتداء على المِلكيات والأفراد، تلك التظاهرات السلمية التي تبدو في شوارع العاصمة والمدن الكبرى كما لو أنها «تنين بشري زاحف» بوسعه حرق الأخضر واليابس. 
ذلك الانطباع رآه الجميع أثناء الحراك الشعبي الكبير في عام 2011م، ويرونه اليوم بنصوع الصورة التي تُظهر قدراً كبيراً من الخصوصية المتأبِّية على منطق السلاح المجرد؛ ذلك السلاح الذي نتمنَّى ألا ينطلق عشوائياً بأي حال من الأحوال. 
هذا ليس ضرباً من التغنِّي بالحكمة اليمانية التاريخية، ولا هو استبعاد مؤكّد للانزلاق المحتمل صوب المتاهة، ولا هو تبريرٌ لما يجري من تعطيل متعمَّد لمصالح الناس، ولا هو قبول بذلك التخريب المباشر وغير المباشر لأداء الدولة ومؤسساتها. 
بل إنه تعبيرٌ عن أُمنية حقيقية موضوعية، تجمع بين المختلف والمؤتلف، وتجعل الخيار الحواري السلمي دالة المستقبل ومرئياته، وتتجاوز ثقافة الاستقطاب والتعبئة الأيديولوجية القاصرة، المنافية لمنطق الدولة العصرية، وتسمح للحوثيين ومن يتعاطف معهم بالمشاركة السلمية في العملية السياسية وفق الشروط التي ارتضوها وقبلوا بها وساروا على دربها ردحاً من الزمن. 
 الخيارات العاقلة تتلخَّص في الاستجابة المنطقية للمطالب المشروعة التي لا يحتكرها طرفٌ دون آخر، والذهاب نحو تسوية منطقية علمية للآليات السعرية والجبائية وتحسين موارد الدولة بما يساعدها على تنفيذ التزاماتها الكبيرة، ومكافحة الفساد بمنظومة من التدابير واضحة المعالم، والذهاب إلى حكومة وفاق وطني تعتمد الإصلاح الشامل كخيار لا رجعة عنه، والتخلُّص من كوابح مراكز القوى وناهبي المال العام، ومطاردة أمراء الحرب القابعين وراء تجارة «السلاح والقات والمخدّرات والدعارة السياسية وغير السياسية»..!!. 
ذلك هو الدرب السالك للخروج من نفق الأزمة ومنح الشعب اليمني المكانة التي يستحقها، وتعويضه عن سنوات البؤس والحرمان والتمييز؛ ولمثل هذا يتداعى العاملون المُجدّون من أجل مصلحة الأوطان ومجدها. 
Omaraziz105@gmail.com 


في الثلاثاء 16 سبتمبر-أيلول 2014 09:13:57 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://www.rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.rdfanpress.com/articles.php?id=1798