|
وحتى عندما يتجه بعض أفراد من أبناء الشعوب الواقفة إلى الدعوة للخروج عن إطار هذا التقسيم الفاضح فإنهم يتخبطون في رسم الحلول وينقسمون في رؤية ابعاد التحرك والخروج، ويتحول فشلهم في الوصول إلى الحد الأدنى من القواسم المشتركة إلى حالة من الاحباط واطالة زمن الوقوف والركود. وهذا ما نكاد نقرأه بوضوح سافر في نتائج الانتفاضات والثورات العربية الأخيرة في الوطن العربي ، هذا الوطن الذي أراد له العالم المتقدم أن يبقى واقفا لا يتحرك أو يتغير خدمة للمصالح الاقتصادية والسياسية الخاصة بالدول الكبرى وخوفا من أن يكون تحرك هذا العملاق النائم شبيها بحركة الصين والهند وغيرها من عمالقة الشرق الذين فشلت معهم حملات الاخضاع بالقوة وحملات التنويم عن طريق الأفيون ، وانطلاقا من أن يدخل الوطن العربي بعد أن يصحو من سباته ومشكلاته إلى سوق المنافسة الاقتصادية بكل ما تتمتع به أرضه من ثروات يسيل لها لعاب الطامعين الكبار والصغار على حد سواء.
وأعترف بحزن أنني بعد سلسلة طويلة من التجارب وزمن طويل من القراءات والاستنتاجات والاكثار من الهجوم على الطامعين والغزاة لم أعد حريصا ولا مهتما بتوجيه المزيد من الهجوم أو اللوم على هؤلاء الطامعين والقوى المعادية لأحلام الشعوب الواقفة أو المتوقفة عن الحركة وشعبنا العربي الكبير في طليعتها خضوعا وتوقفا ، وبت أرى أن اللوم كل اللوم ينبغي أن يصب على هذه الشعوب التي تقبل المذلة والرضوخ لرغبة الآخر والتي كلما أتيحت لها فرصة للتحرر منه والانطلاق من قبضته وجدت من أبنائها من يمكن للعدو النجاح ومن يساعده بالخلافات والانقسامات وبمحاولات الاستيلاء على النصيب الأكبر في التسلط وحرمان الشركاء والتعامل معهم بمنطق الابعاد والاقصاء . وهذا وحده ما يستحق اللوم، بل الهجوم فالأعداء مهما كانت قوتهم ومهما كانت أساليبهم لا ينجحون إلا بوجود حصان طرواده ذلك المصنوع محليا والملفوف بالعلم الوطني والشعارات الوطنية المزيفة.
ولا يجوز أن تخلو هذه الملاحظات من اشارة إلى ذلك الأسلوب من التيئيس الذي أصبح هاجس القراءات السياسية والاجتماعية الصادرة من بلاد الآخر وأحيانا الصادرة من ديارنا العربية والتي تقول في السطور ، وأحيانا بين السطور إنه صار من الصعب على الشعوب المتخلفة ان تتجاوز واقعها وأن تقاوم قدرها المحتوم وتسعى إلى اللحاق بالشعوب المتقدمة صناعيا واقتصاديا ، وذلك الأسلوب من التيئيس لا يجسد حالة من الاحباط الدائم، فحسب بل يفقد الشعوب قدرتها على المقاومة ورغبتها في مداومة المحاولات للخروج من واقعها الذي لا يسير إلى واقع أقل سوءا وشماته، وهذا كله يقتضي قدراً من الفهم العميق لعقلية القيادات الوطنية وجهلها أساليب الصراع فيما بينها ، إضافة إلى جهلها أساليب الصراع مع الآخر.
تأملات شعرية:
يا وطناً كان.
إلى أين ستذهب؟
كل الطرقات انسْدّتْ
ومتاريسُ الخوف تغطّي
وجه الأرض
ولا ينمو في هذا البلد المأزوم
سوى حقدٍ بملايين الأنياب!
أسألك الصفح
فقد ضاعت كلماتي
في صخب المقذوفات
وفي حاراتٍ من غير قلوبٍ
أو أبوابْ!
"الراية"
في الأحد 07 أغسطس-آب 2011 01:01:38 ص