تلقّت جماعة أنصار الله الحوثية بترحاب قرار دمج مقاتليها بمؤسسات الجيش، والذي قالت مصادر يمنية مطّلعة إنّ الجماعة نفسها هي من فرضته على الحكومة.
وفي المقابل اعتبرت أوساط يمنية القرار في منتهى الخطورة باعتباره يشرّع لاختراق المؤسسة العسكرية اليمنية من قبل الجماعة المعروفة بولائها لإيران، وذات الأهداف التوسّعية في اليمن.
ومن جانبهم قال مراقبون إن هذا الاختراق يأتي ليخلف اختراقا سابقا عليه من قبل جماعة الإخوان المسلمين والتي كانت تستحوذ على مواقع هامة بالجيش اليمني قبل أن تتلقى ضربات موجعة من قبل جماعة الحوثي تجسّدت على سبيل المثال في مقتل القائد العسكري الإخواني العميد حميد القشيبي قائد اللواء 310 في يوليو الماضي أثناء المواجهات المسلّحة التي وضعت جماعتي الحوثي والإخوان وجها لوجه في محافظة عمران وانتهت بهزيمة الطرف الثاني والقبائل الموالية له، قبل أن يجبر الحوثيون عند غزوهم العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، القيادي البارز بحزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان، والقائد السابق للفرقة الأولى مدرع، ثم لاحقا مستشار الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر على الفرار من صنعاء.
وكان وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي أعلن الأحد أن الوزارة تعمل على دمج المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن، في مؤسسات الجيش. وبدا الوزير محرجا وهو يعلن القرار لمعرفته بحجم الاعتراضات التي ستواجهه، وحتى التبعات الميدانية التي ستترتب عليه، إذ ستغدو مقاومة سيطرة الجيش على بعض مناطق البلاد “أمرا مشروعا” لدى بعض القبائل التي ترفض دخول مقاتلي الحوثي إلى مناطقها، فضلا عن الخدمة التي سيسديها لتنظيم القاعدة الذي يعرض نفسه باعتباره “مقاوما” للتوسّع الحوثي، محاولا استعادة حاضنته القبلية التي تآكلت بفعل العمليات الدموية التي نفذها في البلاد وأودت بالمئات من المدنيين ومنتسبي القوات المسلّحة.
وقال الصبيحي: “بالقدر الذي نعمل على استيعاب ودمج مجاميع أنصار الله في القوات الحكومية، فإن المؤسسة الأمنية والعسكرية هي المعنية بالقيام بالدور العسكري والأمني”.
ويشكك يمنيون في ذلك استنادا إلى ما هو قائم في الوقت الراهن حيث تخوض جماعة الحوثي المعارك وتنصب المتاريس ونقاط التفتيش في الطرقات وتسيّر الدوريات تحت مسمى “اللجان الشعبية” لحفظ الأمن.
وأثناء عملية الغزو المشهودة لصنعاء في سبتمبر الماضي، فوجئ اليمنيون بسهولة الغزو وسلاسته حيث لم تلق جماعة أنصارالله مقاومة تذكر من القوات الأمنية والعسكرية التي فتحت أبواب العاصمة أمامهم. وحين اشتدت المطالبات برحيل مقاتلي الجماعة عن صنعاء تنفيذا لاتفاق سابق، تمّ اللّجوء إلى حلّ وصف بـ“الغريب” وتمثل في تمكين هؤلاء المقاتلين من الأزياء الرسمية للقوات المسلّحة حتى لا تصبح هناك فوارق بين المقاتلين والجنود النظاميين.
ورحبت أمس جماعة الحوثي بتنفيذ قرار الإدماج على لسان حمزة الحوثي عضو المكتب السياسي لأنصارالله الذي اعتبر دمج جماعته في الجيش استحقاقا لمخرجات الحوار الوطني.
وقال حمزة الحوثي لوكالة الأنباء الألمانية إن هذا القرار يأتي لمعالجة الإقصاء الذي لحق بالحوثيين خلال الفترة الماضية، مضيفا: “من حقنا أن نكون جزءا في المؤسسات العسكرية وهذا سيحقق بشكل فعلي الشراكة الوطنية التي يسعى إليها الجميع”، موضحا أنه لم يتم تحديد أعداد الحوثيين الذين سيلتحقون بالمؤسسات العسكرية، ومشيرا إلى أن هناك مفاوضات بخصوص ذلك.
وكانت وكالة الأنباء اليمنية نقلت عن وزير الدفاع محمود الصبيحي قوله: “ندعو شركاءنا في العمل الوطني إلى تفهم ظروف المرحلة والتنفيذ الدقيق لاتفاق السلم والشراكة الوطنية وملحقه الأمني”.
ويعالج الملحق الأمني قضايا بسط نفوذ الدولة وسحب الميليشيات من العاصمة، وقضية تسليم السلاح الثقيل للدولة. وينص الملحق أيضا على رفع مظاهر السلاح والمخيمات من العاصمة ومداخلها، إضافة إلى تنفيذ توصيات نتائج الحوار الوطني المتعلقة بنزع السلاح من جميع الأطراف، وانسحاب الحوثيين من المناطق التي يسيطرون عليها.