خيبة آمال بانت على وجوه المتابعين للشأن اليمني وحقوق الإنسان من منظمات دولية وأخرى غير حكومية، وحتى من مسؤولين في المنظمة الأممية ومجلس حقوق الإنسان بعد سقوط مشروع يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية للانتهاكات في اليمن.
3 مليون امرأة وطفل في اليمن يعانون سوء التغذية بسبب الحرب في اليمن
3 مليون امرأة وطفل في اليمن يعانون سوء التغذية بسبب الحرب في اليمن
السؤال الذي يطرح باستغراب كبير: "كيف يمكن أن توافق دول مجلس حقوق الإنسان على اقتراح منخفض وتحت سقف ما طالب به المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسن في 25 آب/أغسطس الماضي"، أي تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة من أجل إجراء تحقيقات شاملة بكافة الانتهاكات في اليمن و"التي يقوم بها كافة الأطراف المشاركين في هذه الحرب"؟
المهمة لم تكن صعبة بالنسبة للسعودية، ففي حزيران/يونيو الماضي، كان لها تجربة مماثلة عندما مارست الضغط على الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون لسحب التحالف الذي تقوده المملكة من اللائحة السوداء، "بسبب استهدافه الأطفال اليمنيين"، ولاحقاً اعترف بان كي مون أن الرياض هددت بقطع المساعدات عن الأطفال الفلسطينيين "إذا ما بقيت على اللائحة السوداء".
في اليمن، ترفض السعودية أي حديث عن أي مراقبة دولية لمسار الأحداث هناك، لذلك كان لا بد من إسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بعض الدول الأوربية، على رأسها هولندا، من أجل إنشاء لجنة التحقيق الدولية.
بعض الاتصالات خارج المقر الأممي في جنيف قام بها دبلوماسيو المملكة شملت عواصم غربية من الولايات المتحدة إلى بريطانيا وفرنسا وضغط من هذه الدول على بقية الدول الأوربية.
ومن ثم عملية حسابية بسيطة لعدد الـ "مع" أو "ضد" المشروع الأوربي، وهنا تقف إلى جانب السعودية الدول المنضوية في التحالف الذي تقوده في الحرب على اليمن وعدد من الدول التي تتأثر بالسعودية مباشرة كبعض الدول الأفريقية، والنتيجة سقط مطلب تشكيل لجنة التحقيق ومعه آمال المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، رافع لواء معركة "التحقيقات المستقلة ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان" في اليمن.
لماذا تصر السعودية على عدم تشكيل لجنة التحقيق؟
الجواب بسيط جداً بحسب أوساط المفوضية السامية لحقوق الإنسان، فمعظم التقارير التي خرجت عن المنظمات الإنسانية والحقوقية الأممية وثقّت بالتواريخ والبراهين كمّاً كبيراً من الانتهاكات التي ارتكبتها طائرات التحالف السعودي مستخدمة أحياناً أسلحة محرمة دولياً كالقنابل العنقودية، والأهداف المدنية الموثقة تشمل مدارس ومراكز صحية، أشهرها استهداف المستشفى التابع لأطباء بلا حدود، بالإضافة إلى دور العبادة وبيوت المدنيين، وآخرها استهداف غارة جوية قبل أسبوع واحد المناطق السكنية في مدينة الحديدة الساحلية، ما أسفر عن مقتل 26 مدنياً، بينهم 7 أطفال، وإصابة 26 آخرين، تبعاً لما ذكرته نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان كايت غليمور في تقرير المفوضية، و"كل هذه المعطيات سيتم استخدامها من قبل اللجنة الدولية".
إلا أن المعلومات التي وثقتها المنظمات الأممية والمنظمات غير الحكومية، ليست كاملة، وتعتقد مفوضية حقوق الإنسان أن هناك الكثير من الانتهاكات التي يقوم بها طرفا الأزمة من دون أن توثّق بشكل منهجي، على أساس أن عمل المنظمات الإنسانية وغير الحكومية لا يتضمن المراقبة والتحقيقات، ولا يمكن الوصول إلى نتائج فعلية عن الانتهاكات "إلا من خلال لجنة مستقلة تعمل بشكل علمي وتقوم بالمعاينة الميدانية والاستماع إلى الشهود وتتعاون مع المنظمات الإنسانية الموجودة في الميدان".
السعودية نجحت إذاً بإسقاط المشروع الأوربي، ولم يبق على طاولة مجلس حقوق الإنسان إلا التقرير الذي تقدم به السودان عن المجموعة العربية، وفيه ترى المجموعة أن لجنة التحقيق التي شكلتها حكومة الرئيس هادي نهاية العام 2015 قادرة على القيام بمهمة التحقيق بالانتهاكات، لكن القرار الذي وافق عليه مجلس حقوق الإنسان من دون تصويت، لم يأت على أي ذكر للانتهاكات التي تقوم بها الغارات السعودية والموثقة لدى الأمم المتحدة.
المأساة بالأرقام
نتائج عام ونصف من بدء الحرب على اليمن وثقّتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وفي تقريرها تؤكد أن الأزمة الإنسانية في اليمن هي الآن واحدة من أسوأ الأزمات في العالم:
- أكثر من 12 مليون يمني هم في حاجة ماسة إلى المساعدات المنقذة للحياة.
- الخدمات الأساسية والاقتصاد هي في الإنهيار شبه الكامل.
- تم تدمير سبل العيش، وأسعار السلع الأساسية ارتفعت بشكل كبير.
- واردات الغذاء والوقود والأدوية هي محدودة للغاية.
- 7.6 مليون شخص على الأقل، بينهم ثلاثة مليون امرأة وطفل، يعانون من سوء التغذية.
- أكثر من 3 ملايين شخص، بما في ذلك 400،000 أسرة، أجبروا على الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان والعيش في ظروف محفوفة بالمخاطر للغاية وبائسة.
- عدد الضحايا بين قتيل وجريح بلغ 10 آلاف.
المصدر: الميادين نت