يبدو أنّ مملكة البحرين ماضية بخطى حثيثةٍ نحو التطبيع مع إسرائيل بشكلٍ علنيٍّ. ففي السابع عشر من شهر أيلول (سبتمبر) الجاري، صرحّ ملك البحرين، حمد بن عيس آل خليفة الذي شارك في احتفالٍ في مركزٍ يهوديٍّ لإحياء ذكرى الهولوكوست (المحرقة) في لوس أنجلوس وقال إنّه يشجب مقاطعة الدول العربيّة لإسرائيل، وإنّه سيسمح لمواطني البحرين بزيارة الدولة العبريّة قريبًا.
ووفقًا لصحيفة (THE JERUSALEM POST) الإسرائيليّة فإنّ الملك شجب المقاطعة العربيّة ضدّ إسرائيل قائلاً إنّه يُسمح لمواطني البحرين بزيارة إسرائيل. وقال ملك البحرين، التي لا تربطها علاقات دبلوماسيّة مع إسرائيل، هذه الأقوال للحاخام أبراهام كوبر، رئيس مركز “سيمون فيزنتال” في لوس أنجلوس في احتفال بين الأديان وقّعت فيه تصريحات تشجب الكراهية والعنف الدينيّ.
ولفت موقع (المصدر) الإسرائيليّ، المُقرّب جدًا من وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، لفت إلى أنّ الحاخام كوبر زار مدينة المنامة، عاصمة البحرين، في وقت باكر من هذه السنة. ووفق أقواله، كانت الزيارة مثيرة للاهتمام. كانت هناك كنيسة وعليها صليب كبير ومعبد هندوسي وكذلك مسجد كبير. حتى أن هناك كنيسًا صغيرًا وحيدًا في الخليج الـ”فارسيّ”، ما زال قائمًا في البلدة القديمة في المنامة”. كما التقى كوبر ببن حمد وتحدثا عن إقامة متحف للتسامح الدينيّ في العاصمة.
وأشار الموقع الإسرائيليّ إلى أنّ أقوال ملك البحرين وردت بعد أكثر من أسبوعٍ على تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو، الذي أكّد علنًا على أنّ العلاقة مع الدول العربيّة أفضل من أيّ وقتٍ مضى في تاريخ إسرائيل، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هناك علاقات سريّة بين إسرائيل والكثير من الدول الإسلاميّة، على حدّ تعبيره.
وأمس كشفت الصحيفة نفسها النقاب عن توجيه الملك البحرينيّ دعوة إلى وفدٍ يهوديٍّ أمريكيٍّ (صهيونيٍّ) يرأسه مارك شناير، الحاخام الناشط في هامبتون بالولايات المُتحدّة الأمريكيّة.
وقال شناير للصحيفة إنّ الهدف من البعثة هو ما نصلي من أجله: السلام في الشرق الأوسط، والتعاون بين إسرائيل والدول المجاورة لها. وتابع قائلاً، كما أكّدت الصحيفة الإسرائيليّة: إننّا نرى تغييرات في دول الخليج، ونأمل أنْ تلهم هذه البعثة الجماعات والمنظمات اليهودية الأخرى، لإدراك أننا كأبناء إبراهيم يجمعنا كمسلمين ويهود إيمان ومصير مشترك.
بالإضافة إلى ذلك، زعم شناير أنّه عمل مع الملك البحرينيّ من أجل تصنيف حزب الله كجماعةٍ إرهابيّةٍ بشكلٍ رسميٍّ على قائمة مجلس التعاون الخليجي، وهو ما تحقق لاحقًا، وتحديدًا في شهر آذار (مارس) من العام الماضي 2016.
واللافت، أنّه مقارنةً مع التصريحات والتسريبات في الصحافة والحكومة الإسرائيليتين التي لا عدّ لها ولا حصر، وأبرزها تبشير نتنياهو المتواصل بوصول التعاون مع الدول العربيّة إلى مرحلةٍ غيرُ مسبوقةٍ في تاريخ الدولة العبريّة منذ إقامتها في العام 1948، فإنّه من الصعب، إنْ لم يكُن مُستحيلاً، العثور على مواقف سعودية بهذا الوضوح سوى نشاط كلٍّ من الضابط السابق في الاستخبارات أنور عشقي، ورئيس الاستخبارات العامّة الأمير تركي الفيصل، اللذين لا يسوّقان للتطبيع فحسب، بل يُمارسانه بشكلٍ علنيٍّ.
وفي هذه العُجالة يتحتّم التوقّف عند كلمة وزير الخارجيّة السعوديّ، عادل الجبير، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعطى، دفعًا قويًا لكلّ القراءات المتوقعة مرحلة جديدة من العلاقات السعودية الإسرائيلية. وقال إنّ بلاده لا ترى مبررًا لاستمرار النزاع العربيّ-الإسرائيليّ.
وبالتالي، يُستشّف من حديث عادل الجبير في الأمم المتحدة، أنّ المواقف السعودية بدأت تأخذ منحى أشّد وضوحًا وصراحةً، ما يفتح الباب على التساؤل حول اقتراب ميعاد الصفقة الكبرى التي يجري الحديث في واشنطن عن توقفها على التطبيع السعوديّ-الإسرائيليّ، كشرط إمّا سابق وإمّا لاحق أو متزامن.
الجبير لم يكن صريحًا فقط في القول بأنّ لا مبرر لاستمرار النزاع، بل هو لم يستخدم عبارة الاحتلال، ولم يأتِ على إدانة دولة الاحتلال.
وكانت صحيفة (هآرتس) العبريّة كشفت قبل عدّة أيّام النقاب عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، أبلغ أعضاء “المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر” (الكابينت)، أنّ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، يعد خطة سلام لدفع الاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال نتنياهو إنّه يسود لديه بعد اللقاء الأخير مع ترامب في نيويورك، الانطباع بأنّ ترامب عازم جدًا على دفع الخطة، وعلى خلفية ذلك وصل المبعوث الأمريكيّ جيسون غرينبلات إلى إسرائيل، لمواصلة الحوار مع الجانبين.
ولفتت الصحيفة العبريّة إلى أنّ عددًا من الوزراء الإسرائيليين، الذين شاركوا في الاجتماع، قالوا إنّ نتنياهو استعرض خلال الاجتماع تفاصيل رحلته السياسية إلى أمريكا اللاتينية والجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصّةً اجتماعه بالرئيس ترامب، وبالرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي.
واختتم نتنياهو قائلاً إنّه لا شكّ أنّ الموضوع الفلسطيني ثقيل ومهم لدى ترامب، والرئيس الأمريكيّ يبث جدية في هذا الموضوع، والأمريكيون يعدون خطّةً، وأنا عرضت مواقفنا أمام الرئيس، وهو عازم جدًا، ويريد التوصل إلى الصفقة النهائية، بحسب تعبيره.