تفاقم الجدل داخل أروقة الحكومة البريطانية حيال الخشية من سيطرة حلقات متشددة من الأقليات المسلمة على المدارس.
يأتي ذلك بعد أن فتحت السلطات تحقيقا بشأن خطة مزعومة في مدينة برمنغهام، وسط إنكلترا، لجعل تلك المدارس أكثر التزاما بالمبادئ الإسلامية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه يريد القيام بعمليات تفتيش مفاجئة للمدارس ردا على ادعاءات تثير “قلقا عميقا” من وجود مخطط لمسلمين متطرفين للسيطرة على مدارس في مدينة برمنغهام.
وحظيت الأزمة بأهمية سياسية متزايدة لدى كاميرون بعدما تبادل اثنان من كبار وزرائه هما وزير التعليم مايكل غوف ووزيرة الأمن الداخلي تيريزا ماي، الاتهامات علانية بسبب أسلوب معالجة هذه القضية.
وفي إطار سعيه إلى إعادة تأكيد سيطرته على القضية والحزب انتقد كاميرون الوزيرين ونشر بيانا قبل نشر تحقيق لهيئة أوفستد لمعايير التعليم في هذه الخطة المزعومة التي عرفت باسم عملية “حصان طروادة”.
وقال في بيان نشره مكتبه “حماية أطفالنا أحد الواجبات الأولى للحكومة وهذا هو السبب وراء تطلب قضية التطرف الإسلامي المزعوم في مدارس برمنغهام ردا قويا”.
وقال رئيس الوزراء إنه أراد أن يفوت الفرصة على المدارس للتستر على “الأنشطة التي ليس لها مكان في مجتمعنا” وسط إشارات إلى أن المدارس رتبت على عجل دروسا تتضمن تعليم المسيحية بعدما تلقت إخطارا بالقيام بعملية تفتيش.
وتبدو الأزمة التعليمية الأمنية مدخلا للعلاقة القادمة بين الأقليات المسلمة المهاجرة والدول الغربية، بعدما تركت تلك الدول المهاجرين يتصرفون مثلما يحلو لهم.
واستغل التنظيم العالمي للإخوان الموقف المتساهل من قبل السلطات البريطانية، وسعى إلى “مسخ” الجاليات العربية والمسلمة على مدى العقدين الماضيين.
ووصف مراقب عربي مقيم في بريطانيا منذ أكثر من ربع قرن الأزمة بين وزيري التعليم والداخلية البريطانية كمواجهة بين “الصقور والصقور”.
وقال في تصريح “إن نظرية وزير التعليم غوف تتلخص في تجفيف المستنقع كي تموت التماسيح، أما وزيرة الداخلية ماي فتطالب بالتجول في المستنقع وقتل التمساح عندما يقترب من القارب”.
ووصف الحالة التي يعيشها أبناء الجاليات المسلمة في بريطانيا أشبه بـ”مسجد” يقدم خطبه على مدار 24 ساعة في اليوم بفضل الإنترنت والقنوات الفضائية. “كان الناس يذهبون يوم الجمعة إلى الجامع ليستمعوا إلى الخطبة، واليوم وفرت الإنترنت خطبا ومواعظ على مدار الـ24 ساعة”.
واتهم الوعاظ بسرقة أبناء الجاليات الإسلامية من المدارس والجامعات.
وقال مراقبون لشأن الجاليات المسلمة في بريطانيا إن الإخوان تسللوا إليها من خلال خطة طويلة المدى استفادت من غياب أي تأطير من قبل دولهم الأصلية، وركزت الخطة على ربط أبناء الجاليات بالدين عن طريق برامج دعوية في ظاهرها تدريب على الصلاة وباطنها استقطاب خفي للتنظيم.
ويعمد الإخوان المسلمون إلى استقطاب الشباب من خلال مخيمات دورية، وتتم الإحاطة بهم معنويا وماليا وعزلهم تدريجيا عن محيطهم حتى يسهل التأثير فيهم.
ويدير الإخوان مدارس تعليمية لأبناء الجاليات ويتم فيها تلقين الأطفال والمراهقين قيما متعارضة مع طبيعة المجتمعات الغربية كمنع الاختلاط والمصافحة بين الشبان والبنات، فضلا عن الارتياب من المجتمع الأوروبي وقيمه، وهي خطة تهدف إلى جعل المؤسسات الإخوانية (ذات الطابع التضامني) المصدر الوحيد لأخلاق الطلاب وسلوكهم.
ويؤكد المراقبون أن الخطط الإخوانية هذه هي التي تضع الأرضية النفسية والسلوكية التي تشجع الشبان من أصول عربية وإسلامية على التطرف.
ولفتوا إلى أن تغلغل الإخوان في المنظومة التربوية الرسمية أو الموازية يعطي مشروعية كبيرة للدعوات التي حثت حكومة كاميرون على التسريع بإنهاء التحقيق في ملف الإخوان وعلاقتهم بالإرهاب وخاصة ما تعلق بالشبكات التي تسهل التحاق أبناء الجاليات بالحرب في سوريا.