يواجه حزب الله معارك شرسة مع المعارضة السورية على مستوى سلسلة جبال لبنان الشرقية، وسط تواتر المعطيات عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف عناصر الحزب من بينهم قادة ميدانيون.
عادت سلسلة جبال لبنان الشرقية إلى واجهة الأحداث من جديد، على خلفية المعارك الطاحنة التي تشهدها المناطق اللبنانية السورية المتداخلة بين جرود يونين وعرسال والقلمون.
وذكرت مصادر لبنانية عن اشتباكات عنيفة بين عناصر من حزب الله والمعارضة السورية، أمس، في وادي عطا بجرود عرسال اللبنانية.
وتأتي هذه الاشتباكات بعد عملية استباقية نفذها الحزب، مساء الثلاثاء، على خلفية معطيات تسربت عن تحضيرات المعارضة لاقتحام بعض معاقل الحزب في البقاع.
ويواجه حزب الله في المناطق الشرقية للبنان المتداخلة مع سوريا، منذ خمسة أيام، هجوما عنيفا من قبل المعارضة السورية وتنظيمات إسلامية من بينها جبهة النصرة، وسط أنباء عن تصعيد منتظر على مستوى هذه الجبهة بعد هدوء استمرّ لعدة أشهر.
وكان حزب الله والقوات النظامية السورية قد خاضا، نهاية العام الماضي معارك شرسة مع المعارضة، تمكنا خلالها من بسط سيطرتهما على المنطقة التي تنتمي إلى ريف دمشق، إلا أن نشوة الانتصار سرعان ما تبدّدت بتمكن المعارضة من إعادة توحيد صفوفها في هذه المناطق ذات التضاريس الوعرة والعودة من جديد لتهديد الحزب وهذه المرة في مناطقه.
وتكبد حزب الله خلال هذه المعارك التي تعدّ الأعنف منذ معركة القلمون الماضية خسائر فادحة في صفوفه.
وتواترت المعطيات القادمة من جبهة القتال التي تدور معظمها بالداخل اللبناني عن مقتل العشرات من حزب الله من بينهم قادة ميدانيون، فضلا عن مئات الجرحى.
وشيّعت أمس بلدة كفرتبنيت الجنوبية قضاء النبطية جثمان القائد العسكري للحزب بسام طباجة الذي قضى في المعارك الأخيرة، فيما نعى الحزب ثلاثة من عناصره.
واعترف حزب الله في وقت سابق بفقدان أحد قادته بسام طباجة من بلدة كفرتبنيت، كان قد سقط وفقا للحزب أثناء قيامه بواجبه خلال المعارك الأخيرة في جرود عرسال.
وطباجة (47 سنة) كان منتسبا إلى حركة أمل الشيعية، قبل أن يلتحق بحزب الله ويساهم في تأسيسه بمنطقة النبطية.
وتدرّج طباجة بسرعة في الحزب ليصبح قائدا عسكريا خلال الاحتلال الإسرائيلي للجنوب.
ونجا القائد العسكري 5 مرات من الاستهداف الإسرائيلي، أشهرها في العام 1993 حين استهدف منزله وكان في داخله مع عائلته، وقد أخرجوا أحياء من تحت الركام. وكذلك خلال حرب تموز.
وذكرت مصادر من داخل عائلته أنه كان يشارك في المعارك السورية منذ 4 أشهر كقائد للعمليات في القلمون، ويرجح أنه استهدف بلغم أرضي مع عناصر مجموعته.
يذكر أن حزب الله كان قد نعى نهاية مايو مسؤولا عسكريا في الحزب يدعى فوزي أيوب قضى خلال “أداء واجبه الجهادي” في سوريا، وفق الحزب.
وأيوب من المسؤولين العسكريين البارزين بحزب الله، وقد اعتقل من قبل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية مع بدء الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، ثم أفرج عنه في عملية تبادل للأسرى مع الحزب عام 2004.
ويرى متابعون لتطورات الأحداث في سلسلة جبال لبنان الشرقية أن هذه المعركة التي يخوضها حزب الله ليست كسابقاتها في ظل التكتيك غير التقليدي التي تعتمده المعارضة السورية والذي يقوم بالأساس على الهجوم المباغت وحرب العصابات.
وتحدّث هؤلاء عن تنظيم محكم للتشكيلات المقاتلة، فضلا عن وجود الآلاف منهم الذين تجمعوا في المنطقة، مستغلين عامل الجغرافيا والتضاريس الوعرة التي تميّز هذه المناطق.
وكشفت مصادر مقربة أن المسلحين أقاموا قواعدهم في الكهوف، منشئين معسكرات تدريب للدخول منها إلى البقاع الغربي.
ويمتلك المسلحون وفق المصادر القادمة من المعركة رشاشات مضادة للطائرات عيار 14.5 و23 ملم ومدافع هاون، وعددا من مدرعات الشيلكا ودبابات ت 55، فضلا عن عشرات السيارات رباعية الدفع التي تؤمن لهم التنقل بين مواقعهم العسكرية طول المسافة الممتدة من عرسال إلى الجرود المواجهة لسهل القاع.
وكشف الناشط السوري المعارض ومدير مركز “القلمون الإعلامي” أن نية المقاتلين تتعدّى السيطرة على منطقة القلمون، إلى اجتياح المناطق البقاعية اللبنانية وهي المعاقل الرئيسية لحزب الله.
وقال الناشط، حسب النهار اللبنانية، إن أجواء المقاتلين المنتشرين في الجرود بمحاذاة قرى بقاعية لبنانية، تفيد بجاهزية هؤلاء لتنفيذ عمليات نوعية في قرى خاضعة لنفوذ حزب الله كردّ على قرار الحزب فتح معركة معهم، وتقدمه نحو معاقلهم في الجرود.
وتحدث القلموني نقلا عن “قيادات الثوار في الجرود”، أن العمليات التي يتم الإعداد لها “ليست بالضرورة عمليات انتحارية، بل إن المجموعات القتالية قد خططت لاقتحام بلدات بقاعية عبر خلايا من الانغماسيين المدربين التابعين لـ”جبهة النصرة”، والهدف لن يكون السيطرة على البلدات لفترات طويلة، بل نقل المعركة إلى عقر دار حزب الله وتوجيه رسالة عسكرية قاسية له”.
ويشارك حزب الله في الصراع الدائر بسوريا منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات إلى جانب قوات الأسد الأمر الذي ساهم في رفع وتيرة العنف الطائفي في لبنان والذي ترجم بتفجيرات طالت معاقل الحزب في كل من الضاحية الجنوبية والمناطق البقاعية التي تتعرض بشكل متواتر لقذائف صاروخية.