دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، السبت، المجتمع الدولي إلى “مواجهة حقيقية” من أجل وضع حد لتدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا.
يأتي هذا في وقت تعالت فيه أصوات من داخل ليبيا وخارجها تطالب بضرورة تدخل عاجل لوضع حد للانفلات الأمني الذي يقوده تنظيم أنصار الشريعة ومجموعات أخرى محسوبة على جماعة الإخوان.
وانتقد السيسي ضمنيا تباطؤ موقف المجتمع الدولي حيال ما يحدث في ليبيا، قائلا إن الجانب المصري هو الذي يقوم وحده بتأمين الحدود الممتدة مع ليبيا.
وقال إنه طالب بضرورة وجود تدخل دولي عاجل للتصدي لحالة الانفلات في هذا البلد الذي ينجر إلى مربع عنف لا مخرج منه.
وأضاف أن “المجتمع الدولي والمجتمع الأوروبي بالذات عليه التزامات أخلاقية وإنسانية وأمنية تجاه الموقف في ليبيا”.
وحذّر السيسي من وجود “سلاح مرمي في الصحراء الليبية بالكامل” يتم تهريبه إلى مصر لاستهداف أمنها.
وكان رئيس الحكومة الليبية عبدالله الثني، قد طالب منذ فترة بتدخل دولي عاجل، في وقت تشعر فيه دول الجوار خاصة مصر وتونس بقلق متزايد حيال ما يجري في هذا البلد، منذ الإطاحة بالقذافي.
واحتدم العنف في العاصمة طرابلس وفي بنغازي منذ أسبوعين مما أجبر أطقما دبلوماسية أجنبية على مغادرة البلاد وزاد المخاوف من تحول ليبيا إلى دولة فاشلة.
وبعد ثلاث سنوات من الصراع لم تتمكن الحكومات الليبية المتعاقبة والجيش الناشئ من السيطرة على ميليشيات مدججة بالسلاح لمقاتلين سابقين يرفضون تفكيكها ويتحالفون مع قوى سياسية، تسعى للسيطرة على البلاد من خلالها.
وفي هذا السياق يرى متابعون أن السبب الحقيقي خلف التدهور الأمني الحاصل هو سعي بعض الأطراف السياسية وفي مقدمتهم جماعة الإخوان إلى خلط الأوراق خاصة بعد هزيمة مدوّية للإسلاميين في انتخابات البرلمان (23 من جملة 200 مقعد).
وكانت “العرب” رصدت في أعداد سابقة وجودا عسكريا أميركيا في المتوسط قبالة الحدود الليبية، ما يرجح أن تكون إدارة أوباما تنتظر اللحظة المواتية للتدخل بغاية ضرب المجموعات التكفيرية التي اتخذت من ليبيا منطلقا لإشاعة الفوضى على الحدود مع مصر وتونس.
ولم يعد التدخل الخارجي مطلبا بالتلميح بل مطلبا صريحا حتى في أوروبا، وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الإيطالي الذي يزور القاهرة “أتفق مع السيسي في هذا الشأن (التدخل الدولي) فالوضع في ليبيا يحتاج إلى تدخل سريع وقوي لوضع حد للعنف الموجود في البلاد”.
ودعا ماتيو رينزي الأمم المتحدة لإرسال مبعوثها الخاص إلى ليبيا على الفور، موضحا أن بلاده ستطرح مسألة ليبيا على طاولة المناقشات في قمة حلف شمال الأطلسي المقررة في سبتمبر المقبل.
وكانت تونس عبرت مرارا عن مخاوفها من الاضطرابات في ليبيا وقالت إنها لن تسمح بأن يشكل التدهور الأمني هناك تهديدا لأمنها القومي.
وهو ما دفع بها الجمعة إلى إغلاق حدودها مع ليبيا خوفا من كارثة إنسانية جديدة في ظل فرار آلاف الليبيين والمصريين من القتال، فضلا عن تخوفات جدية من تمكن ميليشيات إرهابية من تسريب أسلحة إلى إرهابيين تونسيين متمركزين في الجبال الغربية على الحدود مع الجزائر.
ويلقي خبراء في الحركات الإسلامية المتشددة باللائمة على قطر وتركيا إذ تقول تقارير كثيرة إنهما تقفان وراء المجموعات التكفيرية في بنغازي ووراء ميليشيات تسعى إلى السيطرة على مطار طرابلس الدولي.
وتحدثت تقارير عن أن الولايات المتحدة ودولا أوربية بارزة بدأت ضغوطا على الدوحة وأنقرة لتكفا عن دعم تلك المجموعات ما يسمح للحكومة الليبية ببسط سيطرتها على الوضع وبناء المؤسسات، خاصة أنه تم انتخاب برلمان جديد بصفة دائمة وليست مؤقتة مثلما هو الحال مع المؤتمر الوطني المنتهية ولايته.
ويراهن الليبيون على أن تنجح عملية “كرامة ليبيا” التي يقودها اللواء خليفة حفتر في بسط سيطرتها على المدن الرئيسية وإعادة الاعتبار للجيش الليبي باعتباره الضامن للاستقرار.