مع تصاعد الجدل حول تدفق الشباب البريطانيين على أماكن الصراع في سوريا للانضمام الى صفوف "الدولة الاسلامية"، يقول خبراء ان السلطات لم تمنح الاهتمام الكافي للقنوات الخلفية التي يتم من خلالها استقطاب النساء ايضا للانضمام الى صفوف التنظيم المتشدد، وان الحكومة البريطانية لم تتخذ الاجراءات اللازمة تجاه عدد هائل من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لسفر النساء من بريطانيا للالتحاق بدوامة العنف التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط.
وتعمل مالين سميث، من المعهد الدولي لدراسات التطرف في "كينغز كوليدج"، على التحقق عن قرب من وسائل الدعاية التي تمارسها النساء البريطانيات لاستقطاب اقرانهن للسفر الى سوريا والعراق.
وقالت سميث، التي تتبعت حسابات 21 سيدة بريطانية سافرت بالفعل للالتحاق بتنظيم "الدولة الاسلامية"، من بينهن الشقيقتان التوأم البالغتان من العمر 16 عاما من مانشيستر (شمال انكلترا)، وأقصى محمود من غلاسكو في اسكتلندا، أنهن "يشجعن المتشددين للقيام بأعمال ارهابية في الغرب".
وأضافت ان اقصى كتبت على حسابها على تويتر "اتخذوا من اخوانكم في وليتش وتكساس وبوسطن" في اشارة الى ذبح جندي البريطاني لي راغبي في حي وليتش شرق لندن، وتفجير ماراثون بوسطن بواسطة الاخوين تسارنايف في الولايات المتحدة.
وقالت اقصى، في تغريدة اخرى، "ان لم تتمكنوا من الوصول الينا في ارض المعركة، فانقلوا المعركة الى اراضيهم".
ورغم انه لم يتم تأكيد عدد النساء من بين الـ500 بريطاني الذين يعتقد انهم سافروا الى سوريا للانضمام الى تنظيم "الدولة الاسلامية"، لكن خبراء يعتقدون ان هناك ما يقرب من 200 سيدة أوروبية بين صفوف التنظيم هناك، وان هذا العدد يشهد زيادة مطردة منذ ان اعلن التنظيم المتشدد "الخلافة" ونصب زعيمه أبوبكر البغدادي "خليفة المسلمين" في اواخر يونيو/حزيران.
وتقول سميث ان "الامر بدأ يتطور خاصة بعدما دعا البغدادي النساء في الغرب الى الانضمام ضمن محاولة واضحة لبناء مجتمع جديد يتبنى التفسيرات الراديكالية للشريعة الاسلامية. يمكنك بسهولة مراقبة دولة يتم بناؤها".
وعلى ما يبدو فان التناقضات والمقارنات التي تحاول النساء المنضمات الى صفوف التنظيم طرحها على الانترنت ساعدت البغدادي كثيرا في التوسع. فيمكن تمييز، منذ الوهلة الاولى، اعداد كبيرة من الراغبين في الانضمام والسفر الى سوريا من خلال المحادثات التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكثير من "الجهاديات" البريطانيات يستغرقن وقتا طويلا في كتابات مقالات ومقطوعات تحتوي على وصف لـ"السعادة" التي يعيشونها في كنف "أرض المسلمين".
فأقصى، على سبيل المثال، قامت بانشاء موقع الكتروني للتواصل مع قريناتها من "الجهاديات"، في الوقت الذي قالت فيها عائلتها، هذا الاسبوع، انهم مازالوا لا يستطيعون تصديق ان ابنتهم "اللطيفة والذكية والمسالمة" سافرت الى سوريا للزواج من جهادي متشدد.
لكن هذا لم يكن كافيا لأقصى، التي على ما يبدو تصر على استغلال موقعها في صفوف التنظيم المتشدد لاقناع المزيد من السيدات الغربيات للانضمام اليه.
وتشير سميث الى ان الفئة العمرية للسيدات اللاتي يستهدفهن تنظيم "الدولة الاسلامية" تغيرت فقد بات معظمهن بين "19 و20 عاما، "من بينهن نساء لم يعرف عنهن التشدد من قبل"، لكن العامل الجاذب الان بالنسبة اليهن هو "المغامرة. نفس الشعور الذي يعتري الرجل قبل السفر الى هناك".
لكن الامر لم يتوقف عند الرغبة في خوض"مغامرة"، لكنه تعدى ذلك على ما يبدو الى الاعجاب بفكرة الزواج من مقاتل اجنبي مستعد للتضحية بحياته في سبيل قضية مؤمن بها، وهو ما يصور هؤلاء الجهاديين في اعين الفتيات كـ"أبطال".
وقد وصل الامر الى طلب بعض من الجهاديين الرجال من نساء التوقف عن ارسال عروض زواج لهم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ان ذلك يعد من "المحرمات".
اثارة وسائل الاعلام لقضية النساء "الجهاديات" في بريطانيا فتح اعين السلطات التي طلبت من الأسر المسلمة الابلاغ أيضا عن بناتهن اللاتي يشكون في رغبتهن في السفر الى سوريا، لكن هل تحد تلك الاجراءات من تدفقهن؟