يبدو أن معركة مصر مع الإرهاب طويلة، وتسير بطريقة عنقودية، فكلما أحبطت أجهزة الأمن عملية وألقت القبض على عناصرها ظهر آخرون، حيث كشف جهاز الأمن المصري أمس، عن ضبط خمس خلايا كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية.
يأتي هذا في ظل شكوك قوية حول وجود رابط بين هذه المجموعات الحاملة لأكثر من مسمى، وأنها لا تعدو أن تكون واجهة للتنظيم الدولي للإخوان الذي يسعى إلى الإطاحة بمصر في أتون الفوضى بعد أن أطاحت به ثورة الثلاثين من يونيو 2013.
وقال اللواء هاني عبداللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية في بيان له إن قطاع الأمن الوطني تمكن من تحديد وضبط إحدى الخلايا الإرهابية بمحافظة دمياط، لافتا إلى أن عناصر هذه الخلية تلقوا تدريبات على يد جماعات إرهابية بسوريا، وعادوا إلى البلاد انتظارا لصدور تكليفات لهم بتنفيذ عمليات في مصر.
وأكد عبداللطيف أن المتهمين اعترفوا بسابقة مغادرتهم البلاد ودخولهم الأراضي التركية، وأنهم تسللوا منها إلى سوريا، ثم انضموا إلى أحد المعسكرات الإرهابية التابعة لتنظيم “داعش”، وهناك تلقوا تدريبات بدنية وعسكرية، ودورات متخصصة في إعداد العبوات الناسفة، والمشاركة في تخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية.
وقد بث التليفزيون المصري أمس (الأحد) لقطات مصورة، شملت اعترافات موثقة لعدد من الإرهابيين، أفادوا فيها بسفرهم إلى سوريا وتلقي تدريبات عسكرية على أيدي الجماعات المتشددة هناك.
من جهة ثانية، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط أربع خلايا إرهابية أخرى، بمحافظات الإسماعيلية وسوهاج والشرقية والبحيرة، ضمت 34 عنصرا بحوزتهم عبوات ناسفة وأسلحة نارية وبيضاء وذخائر وكميات من المواد الكيمائية (شديدة الاشتعال) وأدوات مختلفة لتصنيع العبوات الناسفة وزجاجات مولوتوف معدة للاستخدام.
هاني عبد اللطيف: المتهمون تسللوا إلى سوريا عبر تركيا وتدربوا عند داعش
وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية أن المتهمين متورطون في ارتكاب العديد من الجرائم والأحداث الإرهابية، واستهداف جنود ومناطق عسكرية وأمنية بعدد من المحافظات المصرية، مشددا على أن أجهزة الأمن ماضية “بإيمان لا يتزعزع وجهد لا يتوقف في تنفيذ استراتيجيات أمنية شاملة لاقتلاع الإرهاب من جذوره”.
وكان هاني عبداللطيف، قد أكد في تصريحات صحفية أمس، أن تنظيم “داعش” و"بيت المقدس" و"الجيش الحر" و"الفرقان" مسميات ليست حقيقية، قائلا: إنها ستار خادع لمجموعات من المرتزقة تستخدمها أجهزة مخابرات دولية، لتنفيذ مخطط ضخم مازال قائما”.
وشدد عبداللطيف أن الوضع الأمني في مصر جيد، وأنه تم اتخاذ إجراءات عملية على الأرض في سيناء لإخلاء الشريط الحدودي بعد أن أصبح مزعجا، في ظل انتشار ظاهرة الأنفاق، وعدم توقف تسلل العناصر الإرهابية، مضيفا أن مصر تدرك خطورة المخطط الذي يواجه المنطقة العربية.
من جهته، أشاد محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية (سابقا) بجهود أجهزة الأمن المصرية خلال الفترة الأخيرة، معتبرا أن النجاح في ضبط الخلايا الإرهابية أنقذ عشرات المصريين من الموت، على أيدي هذه التنظيمات.
ونبه الخبير الأمني في تصريحات خاصة لـ”العرب” إلى ضرورة أن تواصل أجهزة المعلومات بقطاع الأمن الوطني نشاطها لوأد المخططات الإرهابية، التي يديرها التنظيم الدولي للإخوان، لا سيما مع اقتراب الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير 2011.
وأشار نور الدين إلى أن العملية الأخيرة التي وقعت في شمال سيناء، كشفت عن وجود كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات داخل البلاد، وهو ما ظهر بعد ذلك في الأسلحة التي جرى ضبطها في أماكن مختلفة، فضلا عن خطورة خلية دمياط التي تلقت تدريبات على يد عناصر من “داعش” داخل الأراضي السورية، والتي يؤكد ضبطها أن حلقات الإرهاب في المنطقة متواصلة ولا تنفصل.
أما رضا يعقوب الخبير الأمني، فقد علق على عملية ضبط الخلايا الأخيرة، بأنها شهادة إجادة لجهاز الأمن المصري، وقدرته على إحباط مخططات التنظيمات الإرهابية في الفترة الأخيرة، وتنفيذ عمليات استباقية لضبط هذه التنظيمات.
ودعا يعقوب في تصريحات خاصة لـ”العرب” الحكومة المصرية إلى تقديم ملف بكل جرائم الإخوان وحلفائهم إلى لجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن، لافتا إلى أن تسليم هذا الملف سوف يجعل اللجنة الدولية تطلب توقيف كل عناصر الجماعات الإرهابية الهاربين في قطر وتركيا، ويجبر هذه الدول على عدم التهرب من عملية تسليمهم.