سجّل مراقبون البروز اللاّفت لدولة الإمارات وتقدمّها إلى واجهة الصراع ضد مختلف قوى التشدّد والإرهـاب، وذلـك بفعل ما تبذله مـن جهـد متكامل في محاربة تلك القوى سواء بما تدعو إليه في منابرها الإعلامية وعلى ألسنة ساستها ومفكريهـا في مختلف المناسبات والمحافل من قيـم الوسطيـة والاعتدال، أو بما تتخذه من إجراءات قانونية ضد من يحاولون الترويج للتشدد على أراضيها وفي مجتمعها، أو بمـا تساهم به من جهد عسكري في محـاربة الظاهرة الإرهابية في المنطقة على غـرار مشاركتها ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش.
غير أنّ المراقبين اعتبروا أنّ الإمارات، التي لطالما وصفت بالقوة الناعمة، جسّدت منظورها القائم أساسا على الشمولية ونبذ الانتقائية في مواجهة التطرّف بمختلف قواه وحركاته سواء التي تمارس العنف على الأرض أو تعمل على الترويج لإيديولوجيات التشدد وأفكاره في قائمتها التي وضعها مؤخرا للحركات الإرهابية.
وقد ترجمت القائمة بشمولها لمختلف المنظمات التي تتخذ من الدين مطية وغطاء لتبرير العنف والترويج له، ذلك المنظور الإماراتي الذي أجمله وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان من خلال قوله في حوار مع المذيع بريت باير بشبكة فوكس نيوز الأميركية: “لدينا منظور معين للغاية عندما نتحدث عن التطرف، حيت أننا لا يمكننا أن نقبل بالتحريض أو التمويل عندما ننظر إلى بعض هذه المنظمات. وبالنسبة لكثير من البلدان فإن مفهومها عن الإرهاب ينحصر فى حمل السلاح وإرهاب الناس. أما بالنسبة لنا فهذا أبعد ما يكون عما نؤمن به.. نحن لا يمكن أن نتسامح حتى مع أقل من ذلك بكثير”.
ويرى مراقبون أنّ القائمة الإماراتية ليست سوى وجه من أوجه السمة الاستباقية والاستشرافية التي ميزت الاستراتيجية الإماراتية في مواجهة الإرهاب، حيث لم تنتظر هذه الدولة الخليجية حتى يطرق الإرهاب المتصاعد في المنطقة من حولها بابها، لتبادر بالتصدي إليه. بل استبقت هذه الفرضية بسنوات حين عملت على تحصين جدارها الداخلي سياسيا واجتماعيا وأمنيا وقانونيا ضد مختلف نوازع التطرف ومظاهره.
ويؤكد مراقبون أن ما تشهده المنطقة من أحداث جاء ليترجم فاعلية المنظور الإماراتي في مقارعة الإرهاب والتشدّد. وسبق لأنور قرقاش وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أن لفت إلى ذلك بالقول: إن التطورات الأخيرة أثبتت موقف الامارات الواضح ضد التطرف والإرهاب والذي يصب في صالح المنطقة ومستقبلها، مؤكدا أن موقف بلاده الذي ظنه البعض حساسية مفرطة تبين أنه استشراف دقيق لما يجري.