مازالت الأبحاث جارية بخصوص ملف المخطط الإرهابي لاغتيال المترشح للانتخابات الرئاسية التونسية الباجي قائد السبسي، فقد تقدم المحامي عماد بن حليمة بمطلب منع الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ومدير حملته الانتخابية عدنان منصر من السفر بسبب رفضهما الكشف عن هوية الأطراف التي خطّطت لمحاولة تصفية السبسي جسديا.
وتقدّم المحامي عماد بن حليمة، أمس الجمعة، بمطلب لعميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس لتحجير السفر على الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي ومدير حملته الانتخابية عدنان منصر.
ويأتي هذا المطلب وفق ما أفاد به عماد بن حليمة في تصريحات صحفية، على خلفية شكاية كان قد تقدم بها في سبتمبر الماضي ضد المرزوقي بتهمة رفض الكشف عن مخطط إرهابي لاغتيال زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي، وذلك استنادا إلى “الفصل 18 من قانون الإرهاب الذي ينص على أنه يعاقب بالسجن مدّة 12 سنة كل من يملك معلومات بشأن مخططات إرهابية ولا يبلغ عنها”.
وبيّن بن حليمة أن المحكمة كانت قد أذنت بفتح تحقيق وتم الاستماع لكل من مدير الأمن الرئاسي وعدنان منصر وحافظ قائد السبسي في سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أنه تقدم بمطلب لتحجير السفر لإحساسه بأن “المرزوقي ومنصر سيخططان للهرب في حال خسر المرزوقي في الانتخابات الرئاسية”.
وكان قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بتونس قد استمع يوم 22 سبتمبر الماضي إلى أقوال حافظ قائد السبسي نجل رئيس حركة نداء تونس في قضية التهديدات الإرهابية التي طالت رئيس الحركة على خلفية شكاية تقدم بها المحامي عماد بن حليمة.
وحسب المعطيات الواردة في التحقيقات فإن حافظ قائد السبسي، اجتمع مع عدنان منصر وتوفيق القاسمي المدير العام للأمن الرئاسي وحماية الشخصيات، وأبلغهما بوجود مخطط لاستهداف والده، لكن مصالح الأمن الرئاسي أخفت هوية الأشخاص الذين يخططون لاغتيال السبسي عن النيابة العمومية.
مصالح الأمن الرئاسي أخفت عن النيابة العمومية هوية الأشخاص الذين يخططون لاغتيال السبسي
يشار إلى أن رئاسة الحكومة أعلمت الباجي قائد السبسي، منذ شهر أغسطس الماضي، بوجود معلومات أمنية مؤكدة لاغتياله.
وفي نفس الفترة تلقى السبسي تحذيرا من دولة عربية مجاورة ومن رئاسة الجمهورية بتغيير مقر سكناه في محافظة أريانة إلى مكان آخر آمن بالعاصمة.
وأكدت مصادر أمنية أن مخطط اغتيال رئيس حركة نداء تونس يتمثل في استخدام سيارة مفخخة تعترض موكبه سواء قرب مقر سكناه أو قرب مقر الحزب.
يذكر أنه تمّ اغتيال المناضلين البارزين والمعارضين لحكومة حركة النهضة الإسلامية، شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالرصاص أمام منزلهما وبنفس الطريقة، ومنذ ذلك الوقت دخلت تونس فصلا جديدا من الاغتيالات السياسية الممنهجة.
وتعتبر جرائم الاغتيالات السياسية ظاهرة غريبة عن الساحة التونسية، إذ لم تشهد البلاد جرائم مماثلة إلا في مناسبات نادرة مضى عليها عقود طويلة، أبرزها جريمة اغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد على يد المحتل الفرنسي، أو اغتيال المناضل والزعيم السياسي صالح بن يوسف الذي قتل خارج الحدود التونسية.
ودفع تكرار عمليات الاغتيال في تونس وتساهل حكومة “الترويكا” مع خطابات العنف، العديد من أحزاب المعارضة ونشطاء المجتمع المدني وشقّ واسع من التونسيّين إلى التجند ضدّ السلطة الحاكمة وعلى رأسها حركة النهضة والمطالبة بإسقاط الحكومة وحلّ المجلس التأسيسي.
وتُوجه أصابع الاتهام إلى إخوان تونس، حيث أكد مراقبون أن حركة النهضة متواطئة مع السلفيين، وذلك بالتساهل معهم وعدم التعامل بجدية مع خطابهم الدينيّ التكفيري واستقبال الدعاة المتطرفين أمثال وجدي غنيم، وعقد لقاءات سرية مع المتشددين وهو ما أظهرته بالمكشوف تسريبات مصورة تجمع راشد الغنوشي بقيادات التيار السلفي الجهادي.
وجرّاء هذا الوضع تعيش عشرات الشخصيات السياسية والإعلامية وحتى الثقافية والفنية اليوم تحت الحراسة بسبب تهديدات جدية لاغتيالهم والتنكيل بجثثهم. قائمة طويلة من السياسيّين تضم الباجي قائد السبسي الذي يتنقل وسط حراسة أمنية مشددة والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي وزوجته الحقوقية راضية النصراوي وحسين العباسي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل وغيرهم.