طمأنة أذرع إيران وحلفائها بشأن عدم تأثير الأزمة في قدرتها على مواصلة دعمهم، ومحاولة لمّ شملهم في مواجهة جبهة عربية مضادة لها قيد التشكّل، والحدّ من التوجهات العراقية التصالحية مع المحيط العربي.. أبرز عناوين جولة لاريجاني في المنطقة والتي بلغت أمس محطتها العراقية.
وصل رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أمس إلى النجف في ختام جولة إقليمية كانت شملت سوريا ولبنان، واعتبرها مراقبون جزءا من حراك إيراني عاجل ومضاد لحراك عربي خليجي تقوده السعودية من أجل تأسيس جبهة تمتد من الخليج إلى مصر عبر الأردن وتشمل لبنان وتهدف إلى تطويق النفوذ الإيراني وحماية المنطقة من التهديدات الأمنية.
وقال المراقبون إن الهدف الأوّلي من جولة لاريجاني هو طمأنة حلفاء إيران في المنطقة ومن يوصفون بـ“الأذرع الإيرانية” من أحزاب دينية وميليشات بعد أن داخلت صفوفهم الشكوك بشأن وضع حليفتهم إيران وقدرتها على مواصلة دعمهم في ظل الأزمة الاقتصادية الحادّة التي تواجهها بفعل التراجع الكبير في أسعار النفط، وأيضا بفعل المصاعب التي تواجهها الحليفة القوية الأخرى روسيا.
ومن جهتها قالت مصدر عراقية إن إيران عبّرت قبيل زيارة لاريجاني أمس إلى العراق عن امتعاضها من توجّهات رئيس الوزراء حيدر العبادي الجديدة وما وصفته أوساط سياسية إيرانية بـ“اندفاعه إلى أحضان خصوم الجمهورية الإسلامية” في إشارة إلى زيارتيه الأخيرتين إلى كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، وأيضا تبادل الزيارات بين مسؤولين كبار في كل من الأردن والعراق، إضافة إلى زيارة وزير الخارجية المصري الأسبوع الماضي إلى بغداد.
وكان مراقبون اعتبروا أن مختلف تلك الزيارات لا تنفصل عن حراك عربي لاستعادة التوازن في علاقات العراق بمحيطه والحدّ من ارتباط قراره السياسي بإيران، مؤكدين أن الدول العربية، ودول الخليج تحديدا أصبحت في موقف قوة تجاه إيران، خصوصا بعد المصالحات التي جرت في داخل منظومة مجلس التعاون، ثم بين قطر ومصر، إضافة إلى ارتفاع مستوى التنسيق بين تلك البلدان والقوى الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
تبادل الزيارات بين مسؤولين عراقيين وأردنيين
وعلى الجانب العراقي، يبدو لمراقبين، أن حكومة العبادي على بيّنة بالتغيرات الحاصلة في موازين القوى، وعلى دراية بتراجع إيران وتستعدّ للتكيف مع الوضع الجديد بتحسين العلاقات مع دول الجوار العربي. وحسب هؤلاء فإن إيران ليست بوارد “الاستسلام” لتوجهات الحكومة العراقية وتمتلك عددا من أوراق الضغط لفرملة توجهاتها نحو الحاضنة العربية للعراق. ومن تلك الأوراق وجود موالين لطهران في مواقع حسّاسة داخل مؤسسات الدولة العراقية.
وعلى الأرض يعتبر البعض الميليشيات الشيعية التي تضم في صفوفها آلاف المقاتلين وتمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة بمثابة احتياطي عسكري لإيران داخل العراق. كما تمتلك طهران الورقة الدينية الطائفية للتأثير على توجهات الحكومة العراقية.
وفي هذا الإطار استهلّ لاريجاني زيارة أمس للعراق بلقاء المرجع الشيعي علي السيستاني في النجف. ونقلت مصادر عراقية عنه قوله إثر اللقاء إنّه ناقش معه “مسألة الإرهاب التي أوجدت مشاكل للمسلمين في العراق وسوريا”، مشيرا إلى أنه عرض على السيستاني ما يمكن لإيران أن تقدمه لمساعدة العراق في محاربة الإرهاب، متّهما دولا لم يذكرها بتقديم ما سماه “الدعم الضمني للجماعات الإرهابية”.
وتعتبر محاربة تنظيم داعش في العراق ورقة أساسية اليوم بيد إيران التي سارعت إلى استغلال سيطرة التنظيم خلال الصيف الماضي على أجزاء واسعة من البلد، لتحوّل الميليشيات التابعة لها إلى جيش رديف للجيش العراقي يطلق عليه اسم “الحشد الشعبي”، ويثير تغوّله مخاوف مكونات بالمجتمع العراقي تراه قوة احتلال إيرانية قادمة لبلادهم.
يذكر أن لاريجاني وصل أمس إلى العراق قادما من سوريا بعد أن زار لبنان في جولة لا يستبعد أن تكون على علاقة بالمؤتمر السري الذي عقد في إيران منذ أيام وكشفت تفاصيله صحيفة “العرب” ويهدف إلى إعادة تفعيل أدوات إيران في المنطقة لمواجهة الحراك الإقليمي والدولي الكثيف فيها، وهو ما يفسّر استعداد الإيرانيين لإعادة إدماج حركة حماس في منظومتهم رغم خصومتها السابقة مع نظام حليفهم بشار الأسد.