ذكرت العرب اللندنية عن من مصادر قريبة من ملف العلاقات المصرية - الخليجية أن زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لدولة الكويت في الخامس من يناير الجاري تهدف إلى استكمال ما بدأته القاهرة من محاولات حثيثة لتطويق الإخوان المسلمين وحصارهم إقليميا ودوليا إلى أبعد مدى.
والكويت من أكثر الدول الخليجية التي ينشط تنظيم الإخوان المسلمين سياسيا على أراضيها، وهو ملف أكدت المصادر أنه سيكون حاضرا بقوة على طاولة الرئيس السيسي والشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت، مرجحة أن يتم التفاهم حول آليات جديدة محددة لاجتثاث ما يوصف بـ”سرطان الإخوان” في المنطقة ووقف تغلغله في نسيج المجتمع الكويتي، والاستفادة من أخطاء تجربة القاهرة، التي سمحت في أوقات سابقة، بأن يتحول هؤلاء إلى كتلة حرجة، كادت تهدد كيان الدولة، خلال السنوات القليلة المنصرمة.
وكشفت المصادر أن الرؤية التي يتبناها الرئيس المصري لإنهاء ظاهرة الجماعات المتشددة ومن ضمنها الإخوان أصبحت محل تقدير من جانب دول عدة، وشكلت توافقا إقليميا عاما على تجفيف منابع التنظيم.
وقدمت الكويت مساعدات اقتصادية كبيرة إلى مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، كما لعبت دورا مهما في الاقتراب من المصالحة بين القاهرة والدوحة، وبذلت جهدا كبيرا لترميم العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر، على خلفية مناوشات قطرية متعددة، من بينها موقفها السلبي من النظام المصري.
وأشارت المصادر إلى أن أمير الكويت سيناقش مع الرئيس المصري مسألة اللقاء المرتقب مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، والذي تحدثت عنه تقارير إعلامية وتقديرات سياسية مختلفة، بعد الخطوة التي اتخذتها الدوحة، بإغلاق قناة الجزيرة مباشر– مصر مؤخرا، والتي كانت إحدى الثمار الإيجابية المهمة للتقارب بين القاهرة والدوحة.
وقال مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لـ”العرب” “إن زيارة الرئيس السيسي للكويت لها دلالة كبيرة، فالشيخ صباح الأحمد الصباح قام بدور لافت في الوساطة بين الدول الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) وقطر، وساهم في ملف المصالحة بين مصر وقطر من جهة أخرى، بالتالي فالزيارة تعكس قدرا من التقدير والامتنان لموقف الكويت الحريص على التضامن العربي، والحريص أيضا على أن تتعافى مصر اقتصاديا، والذي تبلور في حزمة كبيرة من المساعدات قدمتها للقاهرة”.
وأوضح أن الكويت من الدول الرئيسية التي ستشارك في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس المقبل، وهناك مستثمرون كويتيون موجودون ويعملون بالفعل لذلك من المتوقع أن يكون موضوع العقبات أو المشاكل التي يواجهها هؤلاء في مصر، ضمن القضايا التي من المحتمل أن يناقشها الزعيمان.
وتنظر الكويت إلى العلاقات مع مصر على أنها خيار استراتيجي لا غنى عنه في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، سواء من جهة قدرة القاهرة على كبح جماح الإرهاب، وتجربتها المثمرة في هذا الاتجاه، أو قدرتها على التصدي لأطماع بعض القوى الإقليمية الراغبة في الهيمنة على مقدرات المنطقة.
وحدد محمد السعيد إدريس الخبير في الشؤون الخليجية لـ”العرب” أبعاد الزيارة قائلا إنها ستسير في اتجاهين، أحدهما العلاقات الثنائية ودور الكويت في دعم الاقتصاد المصري في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، والذي تحرص القاهرة على إنجاحه، والاتجاه الثاني يتعلق بتمسك الرئيس السيسي، بالحصول على ضمانات حقيقية من قطر، عبر دعم الكويت للدور السعودي في الضغط على الدوحة حتى تتجاوب مع مطالب بلاده بخصوص إنهاء تدخلات الدوحة تماما في الشؤون الداخلية لمصر، سواء عبر الإعلام أو الدعم المباشر وغير المباشر لجماعة الإخوان.
وعن مغزى إعلان السيسي زيارة الكويت، ثم الإمارات والبحرين قريبا، قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري السابق لـ”العرب” “إن زيارة السيسي لهذه الدول تعبر عن العلاقات الوطيدة التي تربطها بالقاهرة إلى جانب السعودية والتي ظهرت تجلياتها في مواقفها القوية بعد ثورة 30 يونيو، وتعزز التقديرات السابقة بشأن تقارب الرؤى الاستراتيجية، حول فكرة الأمن المشترك بين مصر ودول الخليج، بالإضافة إلى إحداث نقلة نوعية في القضايا التي تؤرق المنطقة، من بينها الأزمة السورية والأوضاع في العراق، وتنسيق الجهود لدحر جماعات الإرهاب وعلى رأسها تنظيم داعش”.