إقرار دستور جديد لليمن يصطدم برغبة جماعة الحوثي في تكييفه وفق مصالحها ما يعني إطالة أمد المرحلة الانتقالية في البلاد وتواصل تعطيل العملية السياسية والاستمرار بدلا عن ذلك في الاحتكام للسلاح.
أكّدت مصادر يمنية مطّلعة صحة ما راج مؤخرا بشأن تشكيل جماعة أنصارالله الحوثية لجنة لصياغة دستور وصفته تلك المصادر بـ”الموازي”، في خطوة تهدف إلى “دسترة” نفوذ الجماعة وترسيم سيطرتها على مؤسسات الدولة والارتقاء بها إلى مرتبة القانون بعد أن كانت قد فرضتها بقوة السلاح.
وقالت المصادر التي تحدثت لـلعرب اللندنية إنّ الخطوة تأتي لإسقاط مسودة الدستور التي اكتمل إعدادها مؤخّرا وتسلّم رئيس البلاد عبدربه منصور هادي نسخة منها منذ أيام، كون تلك المسودة تقرّ التقسيم السداسي للدولة الاتحادية القادمة، وهو تقسيم لا يمنح جماعة الحوثي الإقليم الذي تسعى إليه وتريده منفتحا على البحر ومحتويا على ثروات طبيعية وخصوصا النفط.
وكشفت ذات المصادر أنّ الدستور الحوثي الجاري كتابته ينص بعبارات صريحة على دور محوري لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، ويمنحه سلطات شبيهة بسلطات المرشد الأعلى في إيران إذ يصفه بـ”قائد الثورة الإسلامية في اليمن”، ويشدد على وجوب الالتزام بأوامره وقراراته واعتبار مخالفتها خروجا عن القانون وانتهاكا للدستور.
كما ينص “الدستور الموازي” على الاستعاضة عن تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، بتقسيمها إلى إقليمين فحسب تحاكي حدودهما بشكل تقريبي حدود تقسيم اليمن إلى يمنين؛ شمالي وجنوبي على غرار الوضع الذي كان قائما قبل الوحدة.
وكون قيادة الجماعة تعلم يقينا حجم الاعتراضات التي ستواجه فرض دستور من إنجازها على اليمنيين، فقد عمدت إلى تضمينه أغلب نصوص المسودة التي بين يدي الرئيس كي يبدو الأمر وكأنّه مجرّد تنقيحات على الدستور الأصلي.
ولتسهيل إقرار النسخة الحوثية من الدستور قالت المصادر إنّ قيادة الجماعة تحرص على تفادي عرضها على لجنة صياغة الدستور (الشرعية) التي تم تشكيلها بناء على مخرجات الحوار الوطني ووفق قرار جمهوري أصدره الرئيس هادي وتضم مختلف المكونات السياسية اليمنية المشاركة في المؤتمر.
ومن ثم تعوّل الجماعة على فرض دستورها عبر صفقة سياسية من جهة مع الرئيس الذي يسلّط عليه الحوثيون ضغوطا هائلة منذ غزوهم عاصمة البلاد، وتمكنوا من انتزاع قرارات خطرة منه على رأسها إدماج مقاتليهم ضمن القوات المسلّحة، ومن جهة ثانية مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي ما يزال يحتفظ بنفوذ كبير مستندا إلى حزبه القوي.