نددت دول مجلس التعاون الخليجي أمس بما أسمته انقلاب الحوثيين في اليمن على الشرعية القائمة على المبادرة الخليجية.
يأتي هذا الموقف في وقت يتوقع فيه متابعون ومحللون تحركا خليجيا حاسما لمنع تكرار السيناريو اللبناني في اليمن، حيث نجحت إيران في زرع حزب الله وتقويته ماليا وعسكريا، ليصبح ورقة بيدها تهدد استقرار المنطقة.
وقال مجلس التعاون في بيان نشر في مقره بالرياض إن “الانقلاب الحوثي تصعيد خطير مرفوض ولا يمكن قبوله بأيّ حال، ويتناقض بشكل صارخ مع نهج التعددية والتعايش الذي عرف به المجتمع اليمني، ويعرّض أمن اليمن واستقراره وسيادته ووحدته للخطر”.
وأكدت الدول الست في بيانها أن “ما يهدد أمن اليمن وسلامة شعبه يعد تهديداً لأمنها ولأمن المنطقة واستقراراها ومصالح شعوبها وتهديداً للأمن والسلم الدولي، وسوف تتخذ دول المجلس كافة الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها”.
كما حذرت من أن “انقلاب الحوثيين لن يقود إلا إلى مزيد من العنف والصراع الدامي في هذا البلد الشقيق”، وناشدت “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لإدانة هذا الانقلاب وشجبه وعدم الاعتراف بتبعاته”.
وأشار محللون إلى أن البيان حمل تعهدا واضحا من دول الخليج بعدم السكوت على ما جرى في اليمن، وخاصة الإجراءات التي أعلنها الحوثيون، وبينها حل البرلمان وتعويضه بمجلس وطني يعينونه من شخصيات تابعة لهم، وإنشاء مجلس رئاسي، ما يسمح لهم بالإمساك بمختلف السلطات.
ولا تقف المخاوف الخليجية مما يجري في اليمن، عند حد المخاطر الداخلية على الجار الجنوبي وبينها اندلاع صراع طائفي حام قد يعيد خلط الأوراق، ويعطي مبررا لعودة القاعدة إلى الواجهة، ولكن المخاوف الخليجية الرئيسية تتركز على اعتبار الميليشيات الحوثية ذراعا تهدف من ورائها إيران إلى تطويق دول الخليج من الجنوب، وتهديد مصالحها وأمنها.
ولفت المحللون إلى أن دول الخليج، وخاصة السعودية باعتبارها معنية بشكل مباشر بما يجري على حدودها الجنوبية، مدعوة إلى تحرك دبلوماسي واقتصادي وأمني لمحاصرة ميليشيا أنصار الله مبكرا قبل أن تصبح حضورا نهائيا وثابتا وتصعب مواجهتها، تماما مثلما هو الحال مع حزب الله في لبنان.
ويمكن أن تستفيد السعودية ومن ورائها بقية دول مجلس التعاون من حالة زخم كبرى في الداخل اليمني معارضة للانقلاب، وهو ما تكشف عنه المظاهرات والاعتصامات، وتلويح المحافظات برفع السلاح في وجه الانقلابيين، وعدم السماح بتطبيع الأوضاع مع المؤسسات التي أفرزها الانقلاب.
واحتشد آلاف المتظاهرين في ثلاث مدن بوسط اليمن احتجاجا على سيطرة الحوثيين على السلطة، وأطلق مسلحو الحوثيين النار لتفريق مئات النشطاء قرب جامعة صنعاء.
وامتدت المخاوف إلى الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، التي ترى أن إعادة خلط الأوراق مذهبيا وطائفيا في اليمن سيؤثّر على الشراكة اليمنية معها في الحرب على القاعدة وربما يعيدها إلى نقطة الصفر.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية عقب اجتماعات لمسؤولين خليجيين مع وزير الخارجية جون كيري الجمعة: إن هذه الدول عبّرت عن قلقها من النفوذ الإيراني في اليمن.
وأكد المسؤول أنه لم تجر ترتيبات لإجراء اتصالات مع طهران خلال المحادثات بين كيري والوزراء وكبار المسؤولين في الدول الخليجية الست.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن “هناك شعورا بأن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ موقف أقوى إما من خلال الأمم المتحدة أو منظمة أخرى متعددة الأطراف”.
ورغم أن إيران لا تخفي دعمها للميليشيات الحوثية، لكنها حريصة على عدم اصطدامهم بالمحيط الإقليمي خاصة أنها غارقة في ملفات عديدة ولا تستطيع الإيفاء بتعهداتها تجاههم في ظل أزمة هبوط أسعار النفط، واستمرار العقوبات الدولية ضدها، فضلا عن استغراق جهدها في توفير الضمانات لإنجاح المفاوضات حول ملفها النووي.
وما يعكس حالة التردد الإيراني ما كشفت عنه صحف يمنية من وجود تحذيرات إيرانية للحوثيين بعدم السيطرة على مضيق باب المندب أو الاقتراب من الحدود السعودية.
كما أن تصريحات عبدالملك الحوثي عكست أمس حالة من التخوف من المستقبل، فقد قال زعيم الميليشيا المتمردة إن يده ممدودة لكل القوى السياسية للشراكة.