قال مراقبون إن إيران تعمل على تنشيط علاقتها مع التنظيمات الإخوانية وتوظيفها في مخطط لتوسيع نفوذها في المنطقة، وإن هذا ما هدفت إليه زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى الدوحة.
والتقى لاريجاني بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس التي هللت للقاء وقالت إنه يعيد الدفء إلى العلاقة بين الطرفين التي توترت بعد خروج الحركة من دمشق، وقد فسر الموقف على أنه ضد الرئيس السوري بشار الأسد وأدى إلى قطع الدعم المالي والدبلوماسي الإيراني لها.
ويرى المتابعون أن “العفو” الإيراني عن موقف حماس وقيادتها الملتبس من الأسد لا يمكن أن يتم دون ثمن يخطط الإيرانيون للحصول عليه من وراء إعادة الحركة الإخوانية إلى حظيرة أذرع إيران في المنطقة.
وتتهم وسائل إعلام إيرانية وسورية مشعل بكونه السبب المباشر في تذبذب موقف حماس، وهو الذي انتقل في أول الأزمة من دمشق إلى الإقامة في الدوحة.
وتسعى قطر من خلال إنجاح عودة العلاقات الإيرانية الإخوانية إلى الحفاظ على ورقة ضغط بوجهين على منطقة الخليج التي تصنف أغلب دولها كل من إيران والإخوان كخطرين استراتيجيين ينبغي التعامل معهما بشكل متواز وفي توقيت مشترك.
وراهنت حماس على اللعب على محور إيران حزب الله في البداية لكنها انحازت إلى المحور القطري التركي بشكل كامل مع وصول الإخوان إلى الحكم في مصر.
لكن سرعان ما عادت حماس إلى مواقف فسرتها إيران بأنها انتهازية مع سقوط حكم الإخوان في مصر وتردي وضع الحركة استراتيجيا في الإقليم بعد تراجع المد الإخواني وانحساره.
وتنظر حماس إلى إيران على أنها مصدر لتمويل هي في حاجة ماسة له ولكنها تدرك أنها لن تكون قريبة من طهران بنفس المكانة التي يتمتع بها حزب الله.
وقال ناثان ثرال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية قبل لقاء لاريجاني ومشعل إن الحركة الإسلامية هللت للقاءات مرتقبة لقادتها مع مسؤولين إيرانيين دون تحديد هوياتهم.
ولم يسمح في السابق لقادة حماس بلقاء أي من المسؤولين المؤثرين في طهران غير قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
وطالما لعب سليماني دور العراب لحركة حماس داخل الدوائر السياسية الإيرانية، وحاول في أكثر من مناسبة دفع مراكز القوى في إيران إلى إعادة النظر في موقف حماس من الرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت صحف إسرائيلية الأربعاء إن حركة حماس تسعى إلى إنشاء وحدات مقاتلة على الأراضي اللبنانية بالتعاون مع حزب الله المدعوم إيرانيا بهدف إزعاج إسرائيل.
وكانت هذه التسريبات هي محاولة جديدة من قبل الحركة الفلسطينية لفتح جبهة جديدة في مواجهة إسرائيل، لكنها تحمل ضمنيا أيضا سعيا حمساويا إلى مصالحة جوهرية مع إيران والخروج من العزلة الإقليمية التي فرضت عليها مؤخرا.
وطلب محمود الزهار، القيادي في حركة حماس في لقاء جرى في 4 فبراير الماضي من لبنان وسوريا بشكل رسمي إقامة وحدات مسلحة في معسكرات اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية.
وقال معهد الشرق الأوسط لدراسات الإعلام الذي كشف عن الخبر إن هذه الخطوة هي الأولى التي تتخذها حركة حماس خارج الضفة الغربية وقطاع غزة.
ونشر موقع تابع لحزب الله في يناير خطابا للقائد العسكري لكتائب عزالدين القسام التابعة لحماس دعا فيه جميع الفصائل الإسلامية للتوحد في مواجهة إسرائيل.
ومن بين العقبات التي تواجه تقبل الإيرانيين لإعادة الدعم إلى حركة حماس كما كان في السابق المفاوضات النووية بين طهران والقوى الغربية.
وقال ثرال “هناك ضبابية كبيرة حول مستقبل سياسات إيران بشكل عام إذا ما نجحت في التوصل إلى اتفاق نهائي مع الغرب حول برنامجها النووي”، وأن “هذه الضبابية تشمل علاقته مع حركة حماس أيضا”.
ولا تحتاج إيران حماس أو التنظيمات الإخوانية الأخرى في المعارك التي تخوضها علنا في العراق وسوريا، لأن أذرعها هناك (الحشد الشعبي، حزب الله) أكثر فاعلية وقوة في تحقيق نفوذها خاصة أن المجموعات المرتبطة بإخوان سوريا قد تلاشت واندمجت في التنظيمات المتشددة مثل النصرة وداعش.
وتجد إيران في حماس فرصة اختراق “سنية” للمسعى الذي تقوده السعودية الساعي إلى بناء تحالف سني واسع لمواجهة تمدد إيران في المنطقة.
ورغم غضب طهران على مواقف بعض قيادات الإخوان التي دعمت الحرب على الأسد، فإنها حافظت على استضافة قيادات الصف الثاني وكتاب وإعلاميين محسوبين على الإخوان في المؤتمرات التي تعقدها للتسويق لسياساتها في المنطقة.