اهتزت العاصمة التونسية أمس على وقع هجوم إرهابي غير مسبوق استهدف المتحف الوطني المحاذي لمقر مجلس نواب الشعب في ضاحية باردو، خلف في حصيلة أولية 22 قتيلا بينهم 19 سائحا أجنبيا.
وقتل في العملية شرطي تونسي ومسلحان مهاجمان. وخلف الهجوم 41 جريحا، وفق آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة الداخلية التونسية.
وقال محمد علي العروي الناطق باسم وزارة الداخلية، إن مُسلحين قتلا عددا من السياح الأجانب في المتحف الوطني بباردو المحاذي لمقر مجلس نواب الشعب في تونس العاصمة، واحتجزا عددا آخر من الرهائن.
وبحسب معطيات حصلت عليها “العرب اللندنية”، فإن الهجوم بدأ في حدود منتصف النهار بتوقيت تونس (11 بتوقيت غرينيتش)، حيث تمكن شخصان من دخول متحف باردو وهما يرتديان بزتين عسكريتين، ثم أطلقا الرصاص على حافلة ركاب بداخلها عدد من السياح.
وبعد ذلك تدخل حرس المتحف بإطلاق النار صوب المُسلحين اللذين تمكنا بعد ذلك من احتجاز عدد من السياح الذين كانوا يجوبون أروقة المتحف الوطني، لتتواصل بعد ذلك عمليات تبادل إطلاق النار بين المُسلحين وأفراد الأمن الذين وصلتهم تعزيزات كبيرة من ثكنة لقوات الأمن الداخلي تبعد نحو 300 متر فقط من مقر المتحف.
وقال صاحب دكان قريب من متحف باردو في اتصال مع “العرب” إنه شاهد في حدود منتصف النهار شابين لا يتجاوز سن الواحد منهما 16 عاما يدخلان المتحف بلباس عسكري، ويحمل كل واحد منهما سلاحا رشاشا على كتفه”.
وأضاف أنه “بعد ذلك بنحو ثلاث دقائق سمع دوي الرصاص الذي بدأ متقطعا ثم تكثف بشكل لافت”.
وبحسب مصادر متطابقة، فإن المُسلحين تبادلا إطلاق النار لمدة تزيد عن 20 دقيقة مع أفراد الأمن الذين كانوا يحرسون المتحف ومجلس نواب الشعب المحاذي له.
وأكدت المصادر أن المسلحين استخدما بنادق آلية من نوع كلاشينكوف، كما ألقيا عددا من القنابل اليدوية صوب قوات الأمن التي هرعت للمكان وحاصرته قبل نقلها جثث عدد من السياح من جنسيات بولونية وإيطالية وألمانية وأسبانية .
ورغم أنه لم يُعلن عن هوية المهاجمين، فإن ذلك لم يمنع المحللين الأمنين من القول إن كل الوقائع تشير إلى أنهما ينتميان إلى تنظيم “عقبة بن نافع” الذي أعلن في وقت سابق مبايعته لتنظيم”داعش”.
ويستند البعض في ترجيح وقوف داعش وراء هذا الهجوم الإرهابي على توقيت التنفيذ الذي جاء بعد نحو 12 ساعة من نشر الموقع الإلكتروني “إفريقية للإعلام” الموالي لكتيبة “عقبة بن نافع” رسالة صوتية وجهها المدعو أنس الفقيه إلى من أطلق عليهم أهل الجهاد في تونس وشباب التوحيد دعاهم فيها إلى “النفير والجهاد فرادى وجماعات محرضا على قـوات الأمن والأحزاب” التونسـة.
وقال المحللون إن ملابسات الهجوم المفتوح على مصراعيه أمام سيناريوهات مُتعددة، كشفت عن مدى تعقيدات ملف الإرهاب في تونس، حيث لم يتردد الباحث في الشؤون الإستراتيجية الأمنية مازن الشريف في وصف الهجوم بأنه “عملية نوعية مُعقدة ذات رموز متعددة ومتشابكة، وهي من أخطر العمليات الإرهابية في تاريخ تونس الحديث”.
وقال في اتصال مع ”العرب” إن هذا الهجوم يُعد انتقالا نوعيا في نشاط الإرهابيين، لافتا إلى أن اختيار المكان والزمان لتنفيذ هذا الهجوم ليس صدفة، ذلك أنه نُفذ يوم الأربعاء الذي دأبت هذه الجماعات على تنفيذ عملياتها خلاله.
ولفت إلى أن الهجوم يأتي قبل يومين من عيد استقلال تونس، ثم إنه استهدف تاريخ وحضارة تونس (المتحف)، إلى جانب رمزية المكان أي قربه من مقر مجلس نواب الشعب”.
ولم تتردد بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية في التأكيد على أن تنظيم داعش هو الذي يقف وراء هذا العمل الإجرامي.
وقالت إن تنظيم داعش “هو الذي نفذ هذا الهجوم الإرهابي الذي استهدف رمز سيادة تونس، أي مجلس نواب الشعب، وتاريخها وحضارتها، أي المتحف الوطني بباردو”.
ويُعتبر تنظيم “كتيبة عقبة بن نافع” أول تنظيم في تونس مرتبط بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث بدأ نشاطه في تسعينات القرن الماضي في جبل الشعانبي من محافظة القصرين الواقعة على الحدود مع الجزائر.
ويُشرف على هذا التنظيم الذي كثف نشاطه بعد 14 يناير 2011 مستفيدا من انعدام الإرادة السياسية لمكافحة الإرهاب أثناء فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة، ثلاثة جزائريين لهم علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة بالمغرب العربي.