شنت الجماعات الإرهابية هجومها الأعنف على الإطلاق ضد قوات الأمن بجنوب الشيخ زويد ورفح فى محافظة شمال سيناء، الأربعاء، وفيما تضاربت أعداد الضحايا قالت مصادر طبية إن الحصيلة المبدئية للعمليات أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات. وأكدت مصادر أمنية وشهود عيان أن نحو 300 من العناصر الإرهابية يستقلون سيارات الدفع الرباعى والدراجات النارية شنوا هجمات متزامنة استهدفت 15 كميناً ونقطة وارتكازاً بأسلحة ثقيلة وسيارات مفخخة، مشيرة إلى أن القوات المسلحة دفعت بطائـرات أباتشى وF16، عقب محاصرة عناصر تكفيرية أحد أقسام الشرطة بالعريش وبدأت فى التعامل معها وتمكنت من فك حصار الإرهابيين للقسم، مرجحة وجود تنسيق بين جماعة «أنصار بيت المقدس» التى أعلنت مسؤوليتها عن الحادث وجهات خارجية توفر لها الدعم اللوجستى.
واعتبرت المصادر ما حدث فى شمال سيناء أخطر عمل إرهابى يستهدف القوات المسلحة منذ ثورة 30 يونيو، مشيرة إلى أن الإرهابيين فخخوا الطرق لمنع وصول سيارات الإسعاف وقوات الدعم إلى مواقع الهجمات الإرهابية.
وقال شهود عيان من سكان مدينة الشيخ زويد إن أصوات الانفجارات بدأت فى نحو الساعة السادسة صباح الأربعاء بسماع دوى انفجار هائل فى كمين «أبورفاعى»، وفى كمين «السدرة» أو كما يسميه الأهالى «سدرة أبوالحاج»، ويقعان على طريق الشيخ زويد - الجورة.
وأضافوا أن طريق الشيخ زويد - الجورة طوله نحو 20 كيلومتراً، ونصبت قوات الجيش 6 أكمنة عليه منذ شهرين للسيطرة على هذه المنطقة التى تعد نطاق تحرك العناصر الإرهابية بمثلث شرق العريش، ويضم مدينتى الشيخ زويد ورفح، وهذه الكمائن شلت حركة العناصر المسلحة تماماً ولم تعد قادرة على الوصول إلى الشيخ زويد أو نصب كمائن وزرع عبوات على طريق العريش - رفح الدولى.
وتابعوا أن عدد المسلحين بالعشرات استقلوا عددا كبيرا من سيارات الدفع الرباعى، وانطلقوا بعد الهجوم على الكمائن الجديدة بطريق الجورة - الشيخ زويد، إلى داخل الشيخ زويد، ووزعوا أنفسهم بشكل منظم ومحدد فوق عدد من المبانى بأرجاء المدينة، حاملين أسلحة ثقيلة و«آر بى جى»، ومدافع مضادة للطائرات وأسلحة أخرى، ثم بدأوا فى تصويب أسلحتهم تجاه المقار الأمنية وشملت قسم الشيخ زويد بالشارع الرئيسى بالمدينة، ومعسكر قوات الجيش بحى الزهور شمال المدينة.
وأضافوا أن الإرهابيين سيطروا على أسطح ومداخل عدد من المبانى ذات المواقع الحيوية بالمدينة فى وقت سريع، ووضع عدد آخر منهم عبوات ناسفة وألغاما عند مداخل هذه المبانى لمنع اقتحامها، ومواد متفجرة على مداخل جميع الطرق والفتحات المؤدية إلى قسم شرطة الشيخ زويد، ومعسكر الزهور لمنع وصول أى إمدادات عسكرية إليهم أثناء الاشتباك بين الطرفين.
وقال شهود العيان إن جميع الأهالى أصيبوا بالرعب بعد تطاير الرصاص والقذائف فى كل مكان، وأغلقوا نوافذ منازلهم، ولم يستطع أى منهم الخروج من منزله، بينما كانت هناك اشتباكات أخرى فى كمائن الجورة، الظهيرة، وأسعيد، والوحشى، جنوب الشيخ زويد، واستخدمت فيها قذائف الهاون والـ«آر بى جى» والمدافع الثقيلة.
وأكدوا أن سيارات مسلحين ودراجات نارية جابت الشوارع بمدينة الشيخ زويد حاملة أعلام تنظيم داعش الإرهابى بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاشتباك، وقبل وصول الدعم العسكرى أو الطبى لضحايا العمليات من قوات الجيش، مشيرين إلى أنه بعد هدوء الأوضاع حاول الأهالى نقل بعض الضحايا من الجنود والضباط والمصابين إلى المستشفيات، إلا أن الألغام والمتفجرات حالت دون ذلك، خصوصاً مع تأخر سيارات الإسعاف لساعات عن الوصول إلى المواقع التى تم التعامل المسلح معها.
وأوضحوا أن كمينى «أبو رفاعى» و«السدرة» جنوب الشيخ زويد تم تدميرهما تماماً، لأنه تم استهدافهما بسيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان، وأن المسلحين هددوا الأهالى بالقتل حال اعتراض أى من سياراتهم وهتفوا بعبارات مفادها أنهم لن يغادروا مدينة الشيخ زويد قبل القضاء على كل قوات الجيش والشرطة المتمركزة فيها.
وقالت مصادر طبية إن مسلحاً قتل أثناء محاولته زرع عبوة ناسفة قرب مستشفى الشيخ زويد لمنع وصول المصابين إلى المستشفى.
وفيما تضاربت الأنباء عن أعداد الضحايا، قال مصدر طبى عسكرى إن عدد الشهداء من القوات المسلحة ارتفع إلى 36 شهيداً، ما بين ضباط وجنود بعد الهجمات العنيفة التى شهدتها شمال سيناء، فيما رفعت مصادر أمنية أخرى العدد إلى نحو 60 شهيداً. وأكد المصدر لـ«المصرى اليوم» أنه تم رفع حالة الاستعداد القصوى بمستشفى الجلاء العسكرى داخل معسكر الجلاء بمقر قيادة الجيش الثانى الميدانى لاستقبال أى مصابين، وأنه يتم نقل الحالات الحرجة إلى مستشفى المعادى العسكرى للتدخل السريع لإنقاذها. وأشار شاهد عيان إلى استشهاد وإصابة 150 من قوات الأمن والمدنيين.
وقال الدكتور محمود عامر، مدير مرفق الإسعاف بشمال سيناء، لـ«المصرى اليوم»، إن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الوصول إلى الشيخ زويد إلا الساعة 11 صباح الأربعاء، بعد اندلاع الاشتباكات بساعات بسبب وجود أعداد كبيرة من الألغام بطريق العريش - الشيخ زويد، زرعها المسلحون لمنع وصول الإمدادات الطبية والعسكرية إلى مكان الأحداث، موضحاً أن القوات المسلحة كانت تبطل مفعول الألغام والعبوات الناسفة أمام سيارات الإسعاف لتتمكن الإمدادات من الوصول.
وقال اللواء عماد الدسوقى، نائب مدير أمن شمال سيناء، لـ«المصرى اليوم»: «هناك تعامل وإطلاق نيران على قسم شرطة الشيخ زويد بدأ واستمر لساعات»، موضحاً أن قوات الشرطة المتمركزة بقسم الشيخ زويد استهدفت بشكل مبدئى صد الهجمات التى يتعرض لها القسم.
وتابع «الدسوقى» أن الوضع مطمئن بالنسبة لقسم الشيخ زويد لأن الهجمات عليه تتم من مسافات بعيدة، ومن الصعب الاقتراب منه فى ظل بدء انتشار واسع لقوات الجيش بالمنطقة.