يبدو أننا في عصر انقلاب الموازين، وانفلات المعايير ، فبعد أيام من رفض الحكومة المصرية عودة جزيرتيها ” تيران” و”صنافير” بحكم قضائي واستئنافها على الحكم التاريخي في موقف عجيب، وهو الموقف الذي أيدها فيه رجال كنا نعدهم من الأخيار، فاستماتوا في الدفاع عن “سعودية” الجزيرتين ، بل قام بعضهم بتأليف الكتب ، ودباجة المقالات التي تحاول أن تثبت أن الجزيرتين “سعوديتان” في موقف أشد غرابة.
مناسبة السطور السابقة هو ما قامت به صحيفة “الأهالي” (صحيفة اليسار والناطقة بلسان حزب التجمع أحد أبرز الأحزاب اليسارية المصرية) من نشر تهنئة في عددها الأخير لرجل الأعمال الشهير حسين سالم بمناسبة مصالحته مع الدولة، وهي المصالحة التي اعتبرها البعض وهما، وتمت بثمن بخس لرجل أعمال امتلك المليارات من قوت شعب يعاني – ولا يزال- الفقر والجهل والمرض.
نص التهنئة
جاء في تهنئة الأهالي المصحوبة بنشر صورة حسين سالم: “علاء الدين غنيم المستشار الاعلامي لجريدة الأهالي يتقدم بخالص التهنئة لرجل الأعمال حسين سالم بمناسبة المصالحة مع أجهزة الدولة والعودة الى أرض الوطن لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
لم يقتصر احتفاء “الأهالي” بسالم على التهنئة الصريحة العلانية إنما امتد الاحتفاء بمقال بقلم القيادي بالتجمع “حسين عبد الرازق” بعنوان “عودة رجال مبارك” رحب فيه بعودة سالم وأمثاله من رجال مبارك للعمل العام ، مؤكدا أن الشعب قادر على عزلهم من خلال صندوق الانتخابات.
المفارقة في تهنئة الحزب اليساري لسالم أنها تأتي من حزب لطالما هاجم التطبيع مع إسرائيل ، ووقف دائما في خندق المهاجمين والمعارضين لاتفاقية ” كامب ديفيد ” سيئة الذكر، لأنها تهنئة ومباركة لرجل التطبيع الاقتصادي الأول في مصر حسين سالم، الذي صدّر الغاز المصري للكيان الصهيوني بثمن بخس، أثرى من هذا الطريق ثراء فاحشا .
الطاهر مكي: لم يعد لدينا يسار مناضل
الناقد الكبير د. الطاهر مكي اليساري القديم والذي رأس قديما تحرير مجلة “أدب ونقد” الصادرة عن حزب التجمع قال لـ “رأي اليوم” إن اليسار كفكرة وكمبدأ انتهى منذ ما يقرب من 50 عاما، وتحول الى مصلحة يستفيد منها بعض ممن يرفعون الشعارات.
وأضاف د. مكي أن مبادئ اليسار العظيمة في النضال والمساواة انتهت، ولم يبق منها باقية ، مؤكدا أن غالبية من يرفعون شعار اليسار الآن يرفعونه ليربحوا وليعيشوا وليجنوا، ولو اقتضت مصلحتهم أن يتحولوا ، لتحولوا من النقيض الى النقيض دون خجل أو مواربة